نهاية مدهشة وصادمة تعيدنا إلى
ما قبل نقطة الصفر!!
Spider-Man:
No Way Home
أنا من عشّاق شخصية "سبايدر مان"،
وأعتبرها الشخصية المفضلة لدي من عالم الكوميكس والسوبرهيروز، وبالطبع هي من
شخصيات عالم مارفل، وقد شاهدت ثلاثية أفلام "سبايدر مان" مع الفنان
"توبي ماغواير" الذي يؤدي الشخصية، وكذلك الفيلمين اللاحقين مع الفنان
"أندرو غارفيلد"، وقد استمتعت بأفلامهما، ولكنني أفضّل الأفلام الجديدة
مع الفنان "توم هولاند"، الذي وجدته الأنسب والأفضل في تجسيد شخصية
"سبايدر مان".
بدأ ظهور "توم هولاند" بالشخصية لأول
مرة في فيلم "Captain America: Civil War"، ومن ثم الفيلم الأول
الخاص به "Spider-Man: Homecoming"، ولاحقاً في فيلمَيْ
"Avengers:
Infinity War" و "Avengers: Endgame"، إلى أن تقوده الأحداث إلى الفيلم الثاني الخاص به "Spider-Man: Far From
Home" الذي انتهى بشكل صادم
وجنوني، مع الشرير "ميستيريو"، الذي كشف هوية "سبايدر مان"
على الملأ، وعرف الجميع أن "سبايدر مان" هو "بيتر باركر".
يعود "سبايدر مان" بالفيلم الثالث له
"سبايدر مان: لا عودة للديار"، وتستأنف الأحداث من لحظة كشف هوية
"سبايدر مان"، الذي تنقلب حياته رأساً على عقب، باعتباره مجرماً تسبّب
في قتل الأبرياء ودمار العالم، فلا سبيل للخروج من هذا المأزق إلا بالاستعانة بـ
"دكتور سترينج"، فيطلب منه "بيتر باركر" المساعدة بإلقاء
تعويذة سحرية من شأنها مسح حدَث كشف هويته من ذاكرة الجميع، ولكن يحدث خطأ أثناء
ذلك، ويؤدي لعواقب خطيرة، وتجعل "بيتر باركر" في مأزق أسوأ مما هو عليه،
فماذا سيفعل؟!
بلا منازع، هذا الفيلم هو أفضل فيلم شاهدته في عالم
مارفل السينمائي على الإطلاق، ومن أفضل أفلام الكوميكس والسوبرهيروز، وبالطبع من
أفضل أفلام 2021، فقد كان رائعاً ومدهشاً، ومشوّقاً لأبعد الحدود، وكان يستحق كل
الانتظار، لأنه فاق توقعاتي حقاً.
"توم هولاند" في أقوى أداء له هنا، وهو
ممثل موهوب فعلاً، واستشعرت ذلك في الفيلم الرائع والمؤثر "The Impossible"، الذي انطلق منه كممثل، وجعلني أترقب أعماله القادمة. بكل
تأكيد، "توم هولاند" أدى شخصية "سبايدر مان" 5 مرات في السابق،
وقد كان مبدعاً ومتميزاً، ولكنني لم أره يجسّد الشخصية بهذا العمق والجدّية مثلما
رأيته في هذا الفيلم.
الفيلم مختلف على الفيلمين السابقين، بكونه
سوداوياً وجادّاً بنسبة كبيرة، ولم نعتد هذا الجو في أفلام "سبايدر
مان"، وإنّ كان لا يخلو من المفارقات الكوميدية والمواقف الظريفة، ولكن كما
ذكرت، كان مختلفاً ومتميزاً عمّا سبق.
"بيتر باركر" هو شخص طائش وعفوي،
وفعلياً هو مراهق وتصرفاته طفولية بعض الشيء، وهذا سر نجاح شخصية "سبايدر
مان"، والسبب الرئيسي في وقوعه في المآزق الخطيرة في جميع أفلامه. إنه ساذج
قليلاً، ومتهوّر، ودائماً يحسن الظن بالآخرين، وليست لديه نظرة عميقة لهم
ولدوافعهم، ولا يتعلم من أخطائه، ولا يُدرك نتيجة أفعاله إلا بعد فوات الأوان.
المخرج "جون واتس" قادَ الفيلم بشكل
مدهش، وكاتبا النص السينمائي "كريس ماكينا" و"إريك سومرز"
أتمّا مهمّتهما على أكمل وجه، فقد كانت القصة جميلة ومبتكرة في عالم الكوميكس، وخط
سير الأحداث كان سلساً ومنتظماً وجاذباً للانتباه طوال الوقت، ومدة الفيلم تصل إلى
ساعتين ونصف، ولكنني لم أشعر أبداً بمرور الوقت، بل كنت أودّ مشاهدة المزيد
والمزيد من هذا الفيلم الزاخم بالشخصيات والمفاجآت والأسرار، الذي يصل بنا إلى
نهاية مدهشة وصادمة، وتعيدنا إلى ما قبل نقطة الصفر، وبالتالي لا أستطيع الانتظار
حتى أشاهد ما سيحدث في الفيلم القادم.
المستوى الفني والتقني للفيلم كان متميزاً من جميع
النواحي، ابتداءً بالتصوير الرائع من المبدع "ماورو فيوري"، الحائز على
جائزة الأوسكار سابقاً عن الفيلم الرائع "Avatar"، مروراً بالمونتاج
وتصميم المواقع والأزياء، ولا أنسى المؤثرات الصوتية والبصرية المدهشة. الموسيقى
التصويرية للمبدع "مايكل جياكينو" كانت جميلة جداً ومنسجمة مع الأحداث.
جميع الممثلين قدّموا أداءً جميلاً، وعلى رأسهم
الفنان "توم هولاند"، وكذلك الفنان "بينديكت كومبارباتش"
بشخصية "دكتور سترينج" والنجمة "زيندايا" بشخصية "إم
جيه" والنجم "جيكوب باتالون" بشخصية "ند ليدز"، وأيضاً
النجمة "ماريسا تومي" بشخصية العمة "ماي باركر" والنجم
"جون فابريو" بشخصية "هابي هوغن" والنجم "بينديكت
وونغ" بشخصية "وونغ"، ولا أنسى الفنانين "ألفريد مولينا"
و"ويلم ديفو" و"جيمي فوكس" و"توماس هيدن تشرتش" بشخصيات الأشرار الذين واجهوا
"سبايدر مان" في أبعاد كونية أخرى.
لقد سعدت كثيراً بالمفاجأت في هذا الفيلم، وخصوصاً
ظهور شخصيتَيْ "بيتر باركر" أو "سبايدر مان" من الأبعاد الكونية الأخرى، وأقصد بذلك الفنانَيْن "توبي ماغواير" و"أندرو
غارفيلد"، اللذين يجتمعان مع "توم هولاند"، حيث جميعهم "بيتر
باركر" و"سبايدر مان" من أبعاد كونية مختلفة، وكيف يتّحدون معاً لمواجهة
الأشرار وحماية العالم من الهلاك.
المَشاهد الحاسمة التي تجمع الـ "سبايدر
مان" الثلاثة كانت رائعة ومؤثرة، وأشبه بلحظات تأبينية لكل عشّاق الشخصية في جميع
نسخها السينمائية، وكأنها وقفة تكريم وتقدير لـ "توبي ماغواير"
و"أندرو غارفيلد" على أفلامهم وقصصهم التي لم تُكتمَل بسبب مسائل
وخلافات متعلقة بشركة سوني وفريق العمل، وكأنما هذا الفيلم هو رسالة الوداع
اللائقة لهما. "توبي ماغواير"، الذي غاب عن الساحة لمدة 7 سنوات، تغيّر
كثيراً وتقدّم في العمر، ولكنه لا يزال محتفظاً بوجهه الطفولي البريء.
هناك أمر مهم وهو محوريّ في العديد من
الأفلام، وغالباً ما يتم تجاهله والاستهانة به، وأقصد السفر عبر الزمن، أو تغيير
حدث في زمن الماضي، أو محو شخصية من الوجود، أو مسح ذاكرة الآخرين لشخصية أو حدث
معين. هناك تبعات لكل حدث ولكل شخصية في الماضي والحاضر والمستقبل، فإذا أنا عدت
بالزمن يوماً كاملاً وغيّرت حدثاً ما، كتحاشي حادث سيارة مميت، من شأن ذلك إحداث
تغيير جذري في حياتي اليوم، كأنْ أبقى على قيد الحياة بدلاً من أنْ أموت، فكيف
بحياة كاملة وحافلة بالشخصيات والأحداث؟! مثل ما حدث مع شخصية "كابتن
أمريكا" في نهاية فيلم "Avengers: Endgame"، وما سيحدث في نهاية هذا الفيلم، فهل أنا أبالغ؟ أو أنني
أناقش أموراً منطقية في عالم فنتازي خيالي؟! هل يُفترض أن نلغي المنطق في هذا
العالم؟! هل يُفترض حقاً؟! ما أستخلصه هو أنني، وبغض النظر عن كل شيء، استمتعت
كثيراً بمشاهدة هذا الفيلم لأقصى الحدود.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق