Chocolat 2000

Chocolat

كيف تتغير الحياة بقليلٍ من الشوكولاته؟!

فيلم "شوكولاته" يدور حول حرب القوّات الوثنية والنصرانية، ولأنّ البطلة الوثنية تقف معها الشوكولاته ستنتصر، ونصرها يتأخّر فقط بسبب موسم الصوم الكبير، والكثير من الأهالي لا يأكلون الشوكولاته.

تدور أحداث الفيلم في قريةٍ فرنسيةٍ سكّانُها يعيشون في هدوءٍ مطلق، أو بالأحرى في جمودٍ عجيب، وقد سيطر عليها منذ قديم الزمان، إلى حين هبوب رياح من الشمال جالبة معها "فيان" التي تفتح متجر الشوكولاته، وبعدها تصبح الأمور مختلفة جداً عن سابق عهدها.

الفيلم رائع وغريب الأطوار، و"فيان" التي تلعب دورها الفنانة الفرنسية "جولييت بينوش"، تسيطر على سكّان القرية بهدوئها وحكمتها، ومجرّد وجودها في أي مكانٍ من القرية يعتبر تحدّياً وجدالاً بين السكّان المتزمّتين، وقد تكون شخصيتها تسير وفق أجندات منظّمة، أو قد تكون فعلاً ساحرة كما يدّعي البعض، أو كاهنة وثنية كما توحي هي لهم. في الواقع سيبقى هذا اللغز يحيّر المشاهدين حتى يعرفوا الحقيقة.. إنْ وجدوها.

القرية يحكمها الكونت "رينود" الذي لا تواسيه الثروة ولا الكتب في غياب زوجته، وقد اتّخذ من نفسه مسئولاً عن الأمور الأخلاقية، لدرجة أنه يقوم بكتابة الخطب الدينية، ويلقيها الكاهن "هنري" في الكنيسة، ونجد الأهالي منسجمين ومقتنعين بكل كلمة وآثار الرضا بادية على وجوههم.

تحدث مشاكل في القرية وتُنسب إلى "فيان" التي قامت بدعم ومواساة امرأة تدعى "جوزيفين" بعد تعرّضها للضرب من قِبل زوجها "سيرج"، خصوصاً بكون "فيان" امرأة غير متزوجة ولديها ابنة مراهقة تدعى "أنوك"، ومع ذلك هي لا تكترث لهم، وتصادف في أحد الأيام شخصاً غريباً يثير اهتمامها، وبالطبع سيكون الفنان المدهش "جوني ديب" الذي يلعب دور "روكس"، وهو رجل شاب يسافر عبر البحار بمركبه ويتوقف عند نهرٍ قريب من القرية ويصدم الأهالي بنمط حياته الذي لا يتوافق مع نظامهم الغريب.

الشوكولاته التي تصنعها "فيان" في متجرها تحتوي على نكهات لذيذة، وبالتأكيد سيسيل لعاب المشاهدين من شدّة الرغبة في تذوّقها، وخلال فترة قريبة يصبح متجرها مركزاً للعلاج والشفاء، وكل قطعة من الشوكولاته تعمل بشكل سحري، فقد تلهم الحب أو السعادة، أو تلهم رجلاً عجوزاً ليستجمع شجاعته ويعترف لإحدى الأرامل بأنه معجبٌ بها منذ فترة طويلة، أو تلهم "آرماند" المرأة العجوز العنيدة التي تذوب تحت تأثير الشوكولاته وتنهي العداء الطويل مع ابنتها الوحيدة.

فيلم "شوكولاته" من الأفلام التي ستستمتعون بها ، فهو فيلم أخذ قِيَماً من قصص الأطفال الخيالية ولكن أُدخِلت عليها مواضيع الكبار، ولذلك ظهر لنا بشكلٍ أشبه بأسطورة مبتكرة ورائعة، والفيلم سار بتناغم جميل دون وصف العقيدة المنظّمة بأنها مقاطعة للمنافقين والمتزمّتين، بل أظهر بإنصاف ترسيخ العقيدة عند سكاّن تلك القرية، وهم ليسوا أشراراً، بل هم أشبه بمن يسيرون بهدوءٍ وهم نائمين ويستيقظون لِشَم رائحة القهوة، أو في هذه الحالة، رائحة الشوكولاته، وحتى الكونت "رينود" يُصدَم حين يكتشف أنّ تحريضه المتهوّر يؤثّر في أحد الأغبياء ليتسبّب في حريق ضخم.

الفيلم من إخراج السويدي "لاسا هالستروم"، وقد أبدع في اختيار كافة الجوانب الفنية، وخصوصاً مؤلفة الموسيقى "ريتشيل بورتمان"، فقد أضفت على الفيلم لمسة راقية جداً بالنغمات الموسيقية الساحرة التي أسَرَتني شخصياً، ولا أنسى أبطال الفيلم المميّزين، وفي مقدمتهم الفنانة "جولييت بينوش" التي قدّمت أجمل أدوارها السينمائية وقد نالت عنه ترشيحاً لجائزة الأوسكار لأفضل ممثلة، وأيضاً الفنانة المخضرمة "جودي دنش" التي أبدعت في دور العجوز "آرماند" ونالت هي الأخرى ترشيحاً لجائزة أفضل ممثلة مساعدة،. النجوم "ألفريد مولينا" و"لينا أولن" و"جوني ديب" كان لهم الفضل جميعاً في صنع أشهى أطباق الحلويات المسمّاة بـ "شوكولاته". ترشّح الفيلم أيضاً لنيل 3 جوائز أخرى لأفضل فيلم وأفضل نص سينمائي أصلي وأفضل موسيقى تصويرية، وذلك بعام 2000.

نكتشف في الفيلم أنّه مهما كان الإنسان قاسياً وشريراً، لابد من وسيلة للتوغّل إلى قلبه والتماس الطيبة والحنان والحب، وإن لم يستطيعوا البشر الوصول إلى ذلك، الشوكولاته تستطيع.