The Secret Garden
مكان جميل مليء بالحب والأمل والأسرار!!
مثل جميع القصص
العظيمة للأطفال، "الحديقة السريّة" تحتوي على العديد من الأسرار
الدفينة. إنها قصة عن طبيعة الحياة، وتسير بمستوى أكبر من مجرّد سرد الأحداث
للأطفال. هذا هو الشعور الذي راودني حين قرأت رواية "فرانسيس هودغسن
برنيت" لأول مرة قبل سنوات، ونفس الشعور يعود بقوّة حين شاهدت الفيلم الجديد
للمخرجة "أغنيسكا هولاند".
بعض أفلام الأطفال
مخصصة فقط للأطفال، وبعضها يمكن أن تُشاهَد من قِبَل جميع أفراد العائلة، وأفلام أخرى
رائعة جداً لا تبدو أبداً أنها خُصٍّصت للأطفال، و"الحديقة السريّة" يقع
في هذا التصنيف. إنه عمل جميل وشاعري ومغلّف بسِرٍ دفين، ومشاهدته مثل دخول عالم
مغلق ومحاولة استكشافه.
تدور أحداث الفيلم
حول فتاة صغيرة تصبح يتيمة بعد وفاة والديها في الهند، وتُرسَل إلى إنجلترا لتعيش
مع عمها صاحب الأملاك الضخمة، وتقطن في ذلك القصر الكئيب المعزول. إنه بناء من
الصخور والأخشاب والمعادن والأسرار والجروح القديمة. البطلة "ماري
لينوكس" تصل من رحلتها الطويلة لتقابل رئيسة الخدم العابسة السيدة "ميدلوك"،
والتي تدير شئون القصر في غياب العم السيد "كريفن". تكتشف
"ماري" أنّ غياب عمّها وسفره في أغلب الأوقات ليس إلا محاولة منه لنسيان
زوجته المتوفاة قبل سنوات. في الواقع زوجة العم هي خالة "ماري"، حيث
تزوّج أحد الشقيقين والدة "ماري" والآخر شقيقتها.
ليس هناك ما تفعله
"ماري" في هذا القصر الكبير سوى الاستكشاف، وخلال مدة قصيرة تكتشف ممرّات
سرية وكذلك غرفة نوم خالتها، وفي تلك الغرفة تجد مفتاحاً لحديقة سرية. تتعرّف "ماري"
على الفتى "ديكون" الذي يكون شقيق الخادمة "مارثا" التي تعمل
في القصر ويصبحان أصدقاء ويلعبان معاً في الحديقة السرية. يقوم "ديكون"
بإفشاء سر القصر الخطير لـ "ماري". الخالة توفيت أثناء عملية ولادة،
ولكن ابنها ذو العشر سنوات لا يزال حيّاً ويعيش في القصر مقيّداً بسريره، عاجزاً
عن المشي.
كل هذا يمكن أن يُسرد
في قصة بسيطة وغير مشوّقة، ولكن المخرجة "أغنيسكا هولاند" منتبهة للمعاني
الدفينة للقصة، وتشجّع الممثلين الأطفال على تمثيل أعمارهم الحقيقة، ولذلك لإضافة
المصداقية في الأداء.
إنهم حقّاً أتمّوا
مهمّتهم بنجاح فائق، ولا نعي أنّهم في الحقيقة أطفال. لا أستطيع أن أكشف المزيد من
أحداث القصة، ولكن سأذكر أن العم "كريفن" سيؤلم قلوب المشاهدين بحزنه
الصادق وبؤسه ويأسه من الحياة. مع نهاية الفيلم تفاجأت بمقدار تأثّري بالقصة،
وبمعاناة الفتى الصغير الوحيد والفتاة اليتيمة، وأيضاً الحديقة التي تركتها السيدة
المتوفاة.
المخرجة البولندية
"هولاند" أثبتت موهبتها من خلال هذا الفيلم الأمريكي الأول لها. كاتبة
النص السينمائي "كارولين تومبسون" استطاعت بإخلاص أن تنقل رواية الكاتبة
"فرانسيس هودغسون برنيت" إلى الشاشة، والممثلين كانوا رائعين جداً.
النجمة "كيت مابيرلي" لعبت دور "ماري" بشكل جميل ومميز، وكذلك
الطفلين الآخرين "هيدون بروز" و"أندرو نوت" أبدعا في أداء دوْرَي
"كولِن" و"ديكون". الفنانة المخضرمة "ماغي سميث" كانت
متألقة كالعادة في شخصية السيدة "ميدلوك" وأثبتت للمشاهدين قدرتها على
أداء جميع الأدوار ببراعة وإتقان. كل الجوانب الفنية كانت رائعة بالتصوير المذهل
وتصميم المواقع والأزياء، والموسيقى التصويرية المؤثرة لـ "زبيغنو
بريسنر"، وأيضاً أغنية النهاية الرائعة بصوت الفنانة "ليندا
رونستاندت".
في
"الحديقة السريّة"، رأينا الإنسجام التام في القصة والحوار والأداء.
إنّه فيلم جميل ومذهل. إنه أسطورة، ودرس، وترفيه خلّاب. التصوير الرائع بعدسة المبدع
"روجر ديكينز" يجعل الحديقة السرية مكاناً في غاية الجمال والشاعرية لدرجة
أننا قد نصدّق أنّها تعيد الحياة لمن ينظر إليها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق