Emma
أفكارٌ أنانية في عقلٍ ضعيف وقلبٍ يائس تُنتج كل أنواع الأذى!!
إنّها الرومانسية
المدفونة بداخلنا والتي تستجيب لأفلامٍ رائعة مثل فيلم "إيمّا"،
وبالتأكيد هو مُطابِق لرواية الكاتبة البريطانية "جين أوستِن" التي
استند عليها، ونعيش معه أجواء الفكاهة والأناقة. على الرغم من أنّ الفيلم يحتوي
على مسائل اجتماعية وشخصيات معقّدة بما فيه الكفاية لتحلّق به في مجالٍ يفوق طائرة
الرومانسية، إلّا أنه لا يزال في المقام الأول فيلماً حول عُشّاق يبحثون عن الحب
في عصرٍ أكثر بساطة من عصرنا الحالي. أنا أتحدث عن أوائل القرن التاسع عشر.
بمشاهدتنا أفلام
"أوستِن" السابقة، مثل "كبرياء وتحامل" و"عقل
وعاطفة"، لن نشعر بالغموض حول الجمهور الذي سيجذبه الفضول لمشاهدة فيلم
"إيمّا" برغم اختلاف الحبكة بعض الشيء عن الروايات الأخرى، ولكن روح
"أوستِن" طاغية على القصة ونشعر بالألفة. نشهد خمس زيجات مختلفة،
والبطلة هي فتاة قوية الإرادة ولا تكترث بالأعراف الاجتماعية، ومهمّتها الأساسية
هي التوفيق بين أي شخصين تراهما مناسِبَيْن لبعضهما.
نحن نتحدّث عن الفتاة
العنيدة والمتطفّلة "إيمّا وودهاوس" التي لا يتجاوز عمرها الحادية
والعشرين. بعد نجاحها في تزويج مربّيتها من رجل أرمل، تخطّط "إيمّا" أن
تُزَوٍّجَ صديقتها الغير مثقّفة "هارييت سميث" بكاهن المنطقة
"إلتون" الذي لديه نوايا أخرى. صديق "إيمّا" المُقرّب
"نايتلي" يصف أنشطتها بـ "أفكار أنانية في عقلٍ ضعيف تتنج كل أنواع
الأذى". إنّ "إيمّا" ليست مرتبطة بأي شخص في الوقت الراهن، ولكن
بما إنّ هذه هي قصّة لـ "أوستِن"، فبالتأكيد لن يستمر ذلك لفترة طويلة،
وبالفعل سرعان ما نجدها عالقة في العديد من التشابكات العاطفية، ولن يتطلّب الأمر
ذكاءاً خارقاً لكشف هويّة توأم روحها.
هذا الفيلم هو
بوابة الشهرة للنجمة "كوينيث بالترو" الذي برزت موهبتها من خلال أدائها
لشخصية "إيمّا"، وقد أظهرت السمة الأساسية لممثلة ترغب في لعب دور بطلة
من بطلات "أوستِن"، وهي القدرة على التحوّل بسرعة وفعالية من الكوميديا
إلى الدراما.
إلى جانب
"بالترو" هناك طاقم رائع من النجوم: "توني كوليت" التي قدّمت
دور "هارييت سميث" بإبداع، و"جيرمي نورثام" الذي قام بأداء دور
"نايتلي" المُفعم بالحياة. "ألان كامينغ" كان الأنسب لدور
الكاهن المتملّق "إلتون"، ولا ننسى النجم "إيوان ماكغريغور"
الذي أدّى دور "فرانك تشرتشل" بكل إتقان.
فيلم
"إيمّا" يفتقر إلى العمق العاطفي الموجود في أفلام "أوستِن"
الأخرى، فالمخرج "دوغلاس ماكغراث" في عمله الأول أراد إبراز الجانب
المرِح والمبهج في القصّة أكثر من غيره، وهو نفسه من قام بكتابة النص السينمائي
بشكل مميّز وقد ظلَّ مخلصاً للرواية الأصلية. قدّم "ماكغراث" لاحقاً
كمخرج وكاتب الفيلم الرائع "نيكولاس نيكِلبي" الذي اقتبسه من رواية
الكاتب الشهير "تشارلز ديكينز"، وقد سبق وأن كتبت مقالاً عنه.
الفنانة
"كوينيث بالترو" بأدائها المذهل تُبقينا منتبهين للأحداث لنترقّب السحر
الرومانسي وهو يبدأ بإلقاء تعويذته علينا. أبهرتنا لاحقاً بدورها الرائع والمليء
بالرومانسية والتراجيديا والكوميديا في فيلم "شكسبير العاشق" الذي حاز
على عدّة جوائز أوسكار ومنها لأفضل فيلم، وهي حازت على جائزة أفضل ممثلة. لم يكن
لفيلم "إيمّا" حظّاً وافراَ مع الجوائز، فقد حاز على جائزة أوسكار واحدة
بعام 1996 لأفضل موسيقى تصويرية، وترشّح أيضاً لجائزة أفضل تصميم أزياء. الفنانة
"ريتشِل بورتمان" أذهلتنا بموسيقاها العذبة والمنعشة، والتي جعلت الفيلم
أروع مما هو عليه.
إنْ
كنتم تريدون مشاهدة فيلم مع العائلة وأنّ تخوضوا تجربة رومانسية، فلن تجدوا فيلماً
مناسباً مثل "إيمّا" بطبيعته الخلّابة وطاقمه الفنّي المدهش. في أحد
المشاهد المميزة تقول "إيمّا": "ربّما عيوبنا هي ما تجعلنا
مثالِيَّيْن لأحدنا الآخر".
ايما فيلمعام 1996 واخر عام 2020 فايهما المقصود ؟
ردحذف