The
Color Purple
قصة حياةٍ سوداء لامرأةٍ سوداء!!
يحكي فيلم "اللون البنفسجي" قصة امرأة
سوداء تدعى "سيلي" والتي ترعرعت في الريف الجنوبي بالعقود الأولى من
القرن الماضي، حيث عاشت في هذا العالم والقسوة تحيط بها من كل جانب.
نراها لأول مرّة وهي طفلة تركض في حقول
الأزهار البنفسجية مع شقيقتها، وبعد ذلك نحصل على نظرة دقيقة ونكتشف أنها حامل،
ونعرف أن والدها هو المتسبّب في ذلك، وأنه سيجبرها على التخلّي عن الطفل كما فعل
بطفلها الأول.
مع الوقت تتزوج "سيلي" رجلاً متوحّشاً
وتناديه دائماً "سيّدي"، وستخسر أطفالها والقدرة على الإنجاب، وكذلك
ستُبعَد عن شقيقتها التي تُعتبَر الإنسانة الوحيدة التي تحبّها في هذا العالم، وأيضاً
ستعيش في عُبودية لرجلٍ يحب امرأة أخرى، وعلى الرغم من كل ذلك، ستظل هذه المرأة
صامدة، وفي النهاية ستنتصر.
فيلم "اللون البنفسجي" لا يروي قصة
معاناتها، بل قصة انتصارها. إنه حقاً فيلم رائع، ودافئ، وقاسٍ، ولا يرحم، وأيضاً
مبتهج بالنصر، ولن نجد أي مشهد يخلو من الروعة، مما يدل على المشاعر الرقيقة
لصانعي الفيلم.
هذا الفيلم مقتبس من رواية للكاتبة
"أليس ووكر"، التي قدّمت قصة "سيلي" من خلال سلسلة من الرسائل
التي أكثرها موجّهة إلى ربِّها، وتدعوه في كل لحظة أن يغيّر حياتها البائسة، وهي تجد
أنّ الرسائل هي الطريقة الوحيدة الممكنة في التعبير عن مشاعرها، فلم تجد أحداً
يستمع إليها. نقطة التحول في الرواية والفيلم تأتي بعد أن يقوم زوج "سيلي"
بجلب عشيقته المغنية "شوغ" إلى المنزل، وتكون أول كلماتها لـ
"سيلي": "أنتِ قبيحة كالخطيئة!!"، ومع الوقت سندرك ما لم يكن
أبداً في الحسبان.
المخرج المبدع "ستيفن سبيلبيرغ"
كان مهتماً جداً بتسليط الضوء قدر الإمكان على حياة "سيلي"، ونقابل
الكثير من شخصيات مجتمعها الريفي، وكذلك القليل من السكان البيض المحليين، والذين
يبدون كالدخلاء في أحداث الفيلم، ومن الشخصيات المهمة في الفيلم شخصية
"سوفيا" التي تلعب دورها الإعلامية الشهيرة "أوبرا وينفري".
تلعب دور "سيلي" الفنانة
"ووبي غولدبيرغ" في ظهورها السينمائي الأول، وقد قدّمت أروع أداء في
تاريخ السينما، وكم من الصعب تأدية هذا الدور حول امرأة أثارت عواطفنا بكونها
مضطهدة وبالكاد يُسمح لها أن تتكلم، وأن تحلم، وأن تتفاعل مع من يحيطون بها،
والمخرج أزال جدار الصمت من حولها بإعطائها الحريّة من خلال سرد مناجاتها وقراءة
الرسائل التي كتبتها، ونالت "ووبي غولدبيرغ" شهرة واسعة على مدى السنوات
اللاحقة بسبب أدائها الفذ في هذا الفيلم، وقد ترشحت لجائزة الأوسكار لأفضل ممثلة،
وترشّح الفيلم أيضاً لجائزتين في فئة التمثيل لأفضل دور مساعد وتنافست عليها
الممثلتان "أوبرا وينفري" و"مارغريت أفري"، وكذلك ترشّح لجائزة
أفضل فيلم وأفضل نص سينمائي مقتبس وأفضل موسيقى تصويرية وأفضل أغنية وأفضل تصوير
وأفضل تصميم مواقع وأفضل تصميم أزياء وأفضل مكياج، وذلك بعام 1985.
حين نرى شخصية متقنة، نتقمّصها، وهذا ما
يوفّره لنا هذا الفيلم، حيث نهرب من الواقع ونعيش داخل تلك الشخصية، فأنا لست امرأة،
ولست أسوداً، ولست "سيلي"!! ولكن أثناء مشاهدتي للفيلم، عقلي يخبرني
بأنني كل تلك الأمور، وبما أنني تعاطفتُ مع معاناتها وانتصارها، فقد تعلمتُ درساً
مهماً حول ما يجب فعله لو كنت مكانها يوماً ما.
لم
أتحدث عن الفيلم بقدر ما تحدّثت عن شخصية "سيلي"، لأنّ هذه الشخصية هي
الفيلم حقاً، وبشعورنا بقصتها سوف نُمنَح انسانيتها. فهل شعرنا جميعاً بأننا
قبيحون؟ هل شعرنا جميعاً أننا نخشى الإبتسامة؟ هل كلنا فقدنا أشياء ثمينة في
حياتنا؟ هل تجرّأنا وحلمنا؟!! "سيلي" ناضلت وصمدت، وجعلت الأمل طريقاً
تحيا به. ما هو مؤكد في نهاية الفيلم هو أنه مُبهِج جداً، ومن الأفلام القليلة
النادرة التي تسرق منّا دموع السعادة، وتستحقها حقاً. وإن تأثرتم بشكل عميق،
تذكروا أنكم لا تشاهدون فيلماً.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق