الخميس، 7 يناير 2021

Pieces of a Woman 2020

 

امرأة شابّة محطّمة تحاول لملمة قطعها المبعثرة

Pieces of a Woman

 


فيلم "قطع من امرأة" هو فيلم دراما مأساوي جميل ومؤثر، وحبكته الرئيسية بسيطة ومباشرة، ولكن مضمونها عميق جداً ويلامس أسمى المشاعر الإنسانية، وأقصد بذلك مشاعر الأم.

الفيلم للمخرج الهنغاري "كورنيل موندروتزو"، وقد قامت زميلته الهنغارية أيضاً "كاتا ويبر" بكتابة النص السينمائي، والجدير بالذكر أن العملاق "مارتن سكورسيزي" هو من المنتجين الرئيسيين للفيلم.



يبدأ الفيلم مع "مارثا" وحبيبها "شون" اللذين يقطنان في منزلهما في بوسطن، حيث نجد "مارثا" تعاني من آلام المخاض، فهي على وشك الولادة، و"شون" يساندها بكل ما يستطيع حتى تصل القابلة "إيفا" لتقوم بعملية الولادة، ولكن يحدث ما لم يكن في الحسبان، وسرعان ما تتدهور الأمور وتصبح حياة "مارثا" و"شون" عصيبة وتعيسة ومليئة بالحزن والألم، وكذلك الحال بالنسبة لـ "إيفا".

مقدمة الفيلم تستمر لغاية نصف ساعة، وبعدها يظهر عنوان الفيلم. لقد كان لتلك المقدمة الطويلة وقعٌ كبير على المُشاهد لجعله يختبر محنة البطلين حرفياً ويعيش معهما تبعات ذلك بكل إحساس ومشاعر.



في البداية شعرت أن الأحداث بطيئة ومملة، ولكن سرعان ما تبدّد شعوري، وأصبحت متحمّساً لمواصلة الفيلم بكل تركيز وإمعان، وسر جمال الفيلم يكمن في الأداء المذهل من النجمة "فانيسا كيربي" بشخصية "مارثا"، التي فازت عنه بجائزة أفضل ممثلة في مهرجان البندقية السينمائي، وقد أُشيد بالفيلم وبأدائها على وجه الخصوص من قبل النقاد والجماهير، حين عُرض الفيلم لأول مرة في المهرجان.

لقد أبدعت حقاً تقمّص الشخصية، وبكل تأكيد سوف تترشح لجائزة الأوسكار لأفضل ممثلة، وقد تفوز بها لو حالفها الحظ. النجم "شيا لابوف" أيضاً قدّم أداءً مميزاً بشخصية "شون"، ولا أنسى النجمة "مولي باركر" بشخصية "إيفا".



الفنانة المخضرمة "إلين بيرستين" أدهشتني بأدائها لشخصية "إليزابيث"، والدة "مارثا"، والتي أعتبر أداءها حتى الآن أفضل أداء لممثلة مساعدة في عام 2020، وبكل تأكيد ستترشح لجائزة الأوسكار، وقد يحالفها الحظ للفوز بها للمرة الثانية بعد 45 عاماً على فوزها السابق كأفضل ممثلة عن فيلم "Alice Doesn’t Live Here Anymore"، الذي أخرجه "سكورسيزي".

بالرغم من دهشتي بالفنانة "إلين بيرستين" وأدائها الأسطوري، إلّا أنني لا أراها الممثلة المناسبة لتأدية دور والدة "مارثا" من الناحية العمرية، حيث أن عمرها يقارب التسعين، ومن غير المعقول أن تكون أماً لامرأة شابة في بداية الثلاثين، حيث أن فارق العمر بينهما يقارب 60 عاماً، والأرجح أن تكون جدتها، أو أن يُسند الدور لممثلة أخرى لا تتجاوز الستين من العمر.



الفيلم يدخلنا في دوامة من الاكتئاب الشديد، ولكنه صادق وواقعي، دون الإفراط في العاطفة، مع بطلته التي هي، كعنوان الفيلم، امرأة محطّمة تبعثرت قطعها، وتحاول لملمتها، ولذلك أُشيد بعبقرية المخرج "موندروتزو" والكاتبة "ويبر" في الفلسفية في السرد، وبرغم بساطة الحبكة كما ذكرت، هناك دلالات رمزية عميقة قد لا يلاحظها أي مُشاهد عابر، والتي تنطوي في فاكهة "التفّاح"، ولا أريد أن أخوض أكثر في ذلك حتى لا أفسد عليكم متعة المشاهدة، ولكن دقّقوا على حالة التفاح وحالة البطلة على امتداد أحداث الفيلم.

ينطلق بنا الفيلم برويّة مع البطلة، مصحوباً بموسيقى تصويرية رقيقة من المبدع "هاورد شور"، حتى يصل بنا إلى نهاية مفتوحة وعميقة، تثير فينا كل التساؤلات، وتحتمل منا كل الإجابات، ومعظمها ستكون منطقية أو مُرضية أو مريحة، وتترك لنا الخيار كمشاهدين لترجيح ما نشعر به في قلوبنا.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق