الأحد، 1 ديسمبر 2013

The Count of Monte Cristo 2002


The Count of Monte Cristo

 رائعة "أليكساندر دوما" تعود لمجدها العريق في رؤية سينمائية عظيمة

 


فيلم "الكونت دي مونت كريستو" يجسّد القرصنة و"نابليون بونابرت" في المنفى والخيانة والسجن الانفرادي ورسائل سريّة وأنفاق للهروب وخريطة كنز ومجتمع باريسي مخملي وانتقام لذيذ. كل هذه الأمور سنراها خلال ساعتين مع ممثلين في غاية الروعة. هذه هي المغامرة التي احتلّت العصر الذهبي، والآن نشعر بأننا نعيشها لأول مرّة.
النجم "جيمس كافيزيل" يؤدي دور "إدموند دانتيس" وهو شاب بسيط يهوى المغامرة ويتعرّض للخيانة من قِبَل صديقه المقرّب "فيرناند مونديغو" الذي يؤدي دوره النجم "غاي بيرس". بهذا يُرسَل "إدموند" للحبس الانفرادي في جزيرة السجون النائية، ويمضي سنيناً هناك وينمو غضبه ببطىء بقدر ما ينمو شَعره، إلى أن يأتي ذلك اليوم ويحدث شيءٌ مدهش.
يتحرّك حجرٌ في الزنزانة ويظهر "فاريا" العجوز. إنّه يملك شَعراً أكثر من "إدموند" نفسه، ولكنّه أكثر مرحاً وحيوية منه، وقد احتفظ بالأمل على مرّ السنين من خلال حفر نفقٍ للهروب. للأسف، بالحفر في الاتجاه الخاطئ وصل إلى زنزانة "إدموند" بدلاً من الوصول لخارج القضبان!!
يقول "فاريا" لـ "إدموند": "هناك 5119 حجراً في جدران زنزانتي، وقد أحصيتهم جميعاً". إنّه يستطيع التفكير في أفضل الطرق لقتل الوقت، ويقوم بتجنيد "إدموند" للعمل معه من جديد في حفر أنفاق للهروب، ويعطيه دروساً خاصة في الفنون العقلية والجسدية، ويدرسان معاً فلسفات "آدم سميث" و"مكيافيللي". يقوم "فاريا" أيضاً بتعليمه فنون الدفاع عن النفس والقدرة على الحركة بسرعة عمياء.
منتصف الفيلم يدوم بما يكفي لتوضيح ما ستبدو عليه النهاية، ولكن الفصل الثالث يعيدنا من جديد للمجتمع بعد أن قام "فاريا" بتزويد "إدموند" بخريطة كنز، وتلك الكنوز ستموّل حفلته التنكّرية وستكشف النقاب عن الشخصية الوهمية "الكونت دي مونت كريستو".
غنيٌ، غامضٌ، ومليء بالألغاز. إنّه يبهر الإرستقراطيين ويقيم حفلات مترفة، وكلها كمينٌ لـ "فيرناند مونديغو"، في حين يستعيد لحظات حبّه القديم بلقاء الشابة الجميلة "ميرسيدس". القصة بالطبع مقتبسة من رواية شهيرة للكاتب الفرنسي "أليكساندر دوما"، وهذا الفيلم كان مخلصاً للرواية وأظهرها بالهيئة الرائعة التي هي عليها.
الكاتب "جاي وولبرت" أتقن صياغة نصّه السينمائي الأول بشكل متسلسل ومنتظم ودقيق، والذي كتب من بعده نصوصَ سلسلة "قراصنة الكاريبي" الشهيرة. المخرج "كيفن رينولدز" له الفضل في إعادة مجد هذه الرائعة الأدبية من خلال هذه التحفة السينمائية، وهو متميّز في الأعمال التاريخية التي لا تخلو من المغامرات، كفيلمه السابق "روبن هود: أمير اللصوص"، وأيضاً فيلم "تريستان وإيزولد" الذي يعتبر من أشهر الملحمات الرومانسية التاريخية.
النجمان "جيمس كافيزيل" و"غاي بيرس" نشعر بارتباطهما معاً كثنائيّ بقدر ما يحملانه من حقدٍ تجاه أحدهما الآخر في أحداث الفيلم. لقد تقمّصا شخصيتيهما بشكلٍ عميق ونحن كمشاهدين نعيش الحرب النفسية التي يخوضها البطلان ونترقّب ما سيحدث بفارغ الصبر. الفنان الراحل "ريتشارد هاريس" في آخر أدواره السينمائية غير سلسلة "هاري بوتر" العظيمة، والذي أدّى فيها دور "دامبلدور" ووافته المنيّة قبل إكمال الأفلام الستّة اللاحقة. في هذا الفيلم نشعر بجهوده المبذولة في تقمّص الشخصية برغم كبر سنّه، فشخصية السجين "فاريا" تتطلّب قوة جسدية وهذا الفنان بذل كل ما في وسعه لكي تظهر الشخصية بالشكل المطلوب، وقد أبدع حقاً. تم إنتاج الفيلم بعام 2002.
المنحدرات المختلفة والحُصون والسُجون وجزر الكنز والقصور ظهروا بالشكل المناسب تماماً، ومَشاهد القتال تمّت تأديتها بمهارة وإتقان. لا شيء أغرب من طبيعة الإنسان التي تجعل من الانتقام طبقاً لذيذاً حين يكون الغفران هو الشيء الذي يجب فعله، ولكن "هوليوود" دائماً ما تستفيد من هذا "الفشل الإنساني" في إنتاج أفلام رائعة ومؤثرة كهذا الفيلم. لكي نكون منصفين، جزء من الانتقام لا يخلو من العدالة، فجميعنا نريد تحقيق العدالة وأن نقف في وجه الظلم والغدر. "إيدموند دانتيس" تعرّض لأبشع خيانة وسُلِبت منه كرامته ومحبوبته وسنوات عمرِه، فكيف له أنْ لا ينتقم؟!


 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق