الجمعة، 20 يونيو 2014

Departures 2008


Departures

خدمة العملاء للقيام برحلتهم الأخيرة!!

 

فيلم "الراحلون" هو فيلم ياباني يدور حول رجل شاب يعمل كمتدرب في مجال "الجنازات"، حيث يقوم بتجهيز الجثث قبل أن تُحرَق، وليس هناك أي حديث حول ما بعد الموت، فالأمر يتعلق بالأحياء. يتم إقامة مراسم تحضيرية للمتوفى بحضور العائلة والأصدقاء، وتجهيزه بكامل الأناقة والرعاية حتى يبدو بأبهى حُلّة.
البطل هنا "دايغو" الذي يشعر أنه يستحق الموت، فقد هجَرَهُ والدهُ وتركه مع والدته وهو طفل في السادسة من عمره، ومنذ ذلك الوقت شعر "دايغو" بالكره الشديد تجاه والده على ما فعله به وبوالدته، والآن وقد أصبح في سن الثلاثين، ويعمل عازفاً منفرداً في فرقة لعروض الموسيقى الكلاسيكية والتي ستتوقف أعمالها بسبب الإفلاس.
يقرر "دايغو" الانتقال  مع زوجته "ميكا" إلى مسقط رأسه في شمال اليابان والعيش في المنزل الذي ترعرع فيه حين كان طفلاً، والذي أصبح منزله بعد وصيّة والدته المتوفاة حديثاً، وهو الآن عاطل عن العمل، ويقرأ إعلاناً في الصحيفة حول وظيفة عنوانها "الراحلون" ويعتقد أنها متعلّقة بمجال السفريات أو شيء من هذا القبيل.
الشركة تقوم بخدمة العملاء للقيام برحلتهم الأخيرة، ويُصدَم "دايغو" حين يكتشف ما يفعله المالك، حيث يقوم بغسل وإعداد الجثث بعناية فائقة ليجعلهم يبدون بأبهى حُلّة. الطقوس تُقام بشكل فنّي ومبتكر أمام الأهل والأصدقاء، والمالك رجل هادئ ولطيف، وهو لا يتحدث كثيراً، لكنه يُبدي أقصى درجات الإحترام للموتى بمشاعره الحزينة والصادقة. "دايغو" لا يُخبر زوجته بحقيقة وظيفته، وهو بحاجة ماسّة إلى المال، ووظيفته في نظر المجتمع وضيعة جداً، ويعلم لاحقاً أحد أصدقائه القدامى بذلك ويعامله بازدراء واحتقار شديد.
كثير من الأمور يجب أن توضع في الحسبان حين نريد أن ننتج فيلماً راقياً، والمخرج "يوجيرو تاكيتا" ومساعده "تاكيفومي يوشيكاوا"  اتّحدا بشغف واختارا ممثلين تملأ وجوههم نظرات العطف والشفقة والإنسانية، فنجد الرجل الشاب المليء بالجدّية ومع ذلك متوتّر، وزوجته التي تحبه ولكنها مصدومة ومنزعجة من عمله مع الموتى، وبالإضافة إلى مالك الشركة وهو رجل عجوز حكيم ولطيف، وأيضاً مديرة مكتبه المتفائلة والبشوشة والتي مع ذلك نشعر بحزن داخلي يطغى على قلبها. كل تلك الوجوه الأربعة جميلة بشكل واقعي وإنساني.
مهمة تحضير الجثث هي أمر جاد بكل معنى الكلمة، ومع ذلك نجد بعض اللحظات الظريفة، ربما لإزالة مخاوفنا من الموضوع برمّته، ولكن ليس بطريقة تؤثر على سير القصة، فالأحداث تسير بشكل تدريجي وتمهّد لما سيأتي بعدها، والموسيقى خصبة وعاطفية بشكل مكبوت، والتصوير مميز جداً، والفيلم يستحوذ على الإنتباه بشكل نادر جداً، وهناك مشهد اكتشاف في نهاية الفيلم له تأثير عاطفي هائل، ولا يمكن أن نقول أنّه غير متوقع، ولكنه كان مفاجأة مدمّرة.
بعض الاختيارات البصرية كانت مدهشة في الفيلم. لاحظوا كيف أخرج "تاكيتا" المشهد الذي يُقدَّم فيه "أخطبوط" كعشاء للزوجين، وتفاجئِهما بأنه لا يزال حيّاً، وانظروا بوضوح كيف يقوم "دايغو" بتذكّر موقفٍ في طفولته عندما كان مع والده عند شاطئ البحر، بل كيف يبدو وجه والده في ذاكرته، فيعيش المُشاهِد لحظة تعمّق في هذا المشهد، ونُدرك بالصورة الضبابية لوالده مدى ألم وحزن "دايغو" الذي بات لا يتذكّر ملامح والده، والأعمق هو وقوعنا تحت تأثير القصة لدرجة أننا قد ننتظر أن يأتي دورنا لنندرج في قائمة "الراحلين". حاز هذا الفيلم على جائزة الأوسكار لأفضل فيلم أجنبي بعام 2008.
 


 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق