Brave
مغامرة مدهشة مع الأميرة "ميريدا" في ربوع أسكتلندا
بعد مسيرة
سينمائية ناجحة من الرسوم المتحركة التقليدية، لا يزال هذا الفيلم كلاسيكياً من
الناحية القصصية وإن تطوّرت تقنيات الإنتاج. فيلم "الشُجاعة" هو فيلم
أميرات تقليدي، والأميرة "ميريدا" هي فتاة في سن الزواج، ووالدها الملك
"فيرغس" ووالدتها الملكة "إلينور". إنّها فتاة مستقلة بذاتها
وترفض اتباع قواعد الأسرة، كما أنها موهوبة في الرماية وتحب التجوّل في الغابة على
حصانها الأسود "أنغوس".
نشعر بِروح
"ميريدا" من خلال شعرها الأحمر الناري، ومحاولات الملكة في جعل ابنتها
تتوافق مع سلوك الأميرة اللائق كلها تبوء بالفشل. في هذه المرحلة من تاريخ هوليوود
الحديث، نرى أنّ كل الأفكار أصبحت مستهلكة، ولكن مخرجِي الفيلم الثلاثة وكاتبِي
النص السينمائي "مارك أندروز" و"بريندا شابمان" و"ستيف
بورسيل" تمكنّوا بإبداع من الحفاظ على وتيرة التشويق التي تمهّد الطريق لمتعة
سحرية ودراما غنيّة مع توالي الأحداث.
لم تتقبل
"ميريدا" القواعد المتّبعة بشأن الزواج، وتصل الأحداث إلى قمّتها حين
يحين الوقت لكي تختار زوجاً مناسباً من أبناء عشيرة النبلاء. إنّه التقليد العريق
الذي أبقى السلام في المجتمع لعدّة قرون. حين يأتي المتقدّمون للزواج إلى الحفلة بالقلعة،
تنتفض الأميرة على مرأى عيونهم، وتنقلب الحفلة رأساً على عقب بسبب ذلك، ويتوتر
الجميع. بعد ذلك تتحوّل درجة الفيلم من الإشراق إلى الظلام، والعروس تهرب على
حصانها بعيداً نحو الغابة. غيابها المفاجئ يرسّب مزيداً من الفوضى وتهديداً بحربٍ
وشيكة بين اللوردات والعائلة الملكية.
حين تتفاقم
الأحداث في الفيلم، تصبح الأمور مثيرة جداً، حيث تتوق الأميرة للتخلّص من واجبها
في الزواج الملكي، ومن شدّة يأسها لم تكن حذرة في محاولة حل تلك المشكلة. تلجأ إلى
ساحرة غريبة الأطوار، والتي تعطيها وصفة سحرية تترتب عليها عواقف وخيمة.
"ميريدا" تواجه الآن احتمال فقدان أحد أفراد أسرتها للأبد بسبب شيء هي
فعلته.
مخرجو الفيلم
مرنون جداً في سرد القصة، بالإنتقال من كوميديا تهريجية إلى مغامرة مدهشة ومن ثمّ
إلى لحظات مأساوية حين يكون الأملُ كلَّ شيءٍ بعد فوات الأوان. فيلم
"الشُجاعة" يجبر المشاهدين على الضحك والبكاء.
الدُب الكبير في
القلعة يخلق فصلاً ممتعاً من الكوميديا اللذيذة، والمعركة الشرسة في الغابة تجلب
الإثارة والتشويق، ولن يكون كل ذلك رائعاً ومميّزاً من غير الفنانين المبدعين
الذين استخدموا أصواتهم في هذا الفيلم. الفنانة "كيلي ماكدونالد" أدّت
دور الأميرة "ميريدا" بإبداع، ولا ننسى الفنان "بيلي كونولي"
والفنانة الرائعة "إيما تومبسون" في دورَي الملك "فيرغس"
والملكة "إلينور"، واللذين قّدما أدوارهما بشكل مميّز باللهجة الأسكتلندية
الشعبية. الفنانة "جولي وولترز" كانت رائعة في دور الساحرة، وكذلك
الفنان "روبي كولترين" أبدع في دور اللورد "دينغوول". حاز
الفيلم على جائزة الأوسكار لأفضل فيلم كارتوني بعام 2012.
علاقة
الأميرة بوالدتها تبدو صادقة، وكل المشاهدين يريدون الحفاظ عليها. إنّها قصة حول
أم وابنتها أكثر من كونها حول مصير مجهول، ونتعلّم منها الإلتزام بواجباتنا تجاه
العائلة وتحمّل المسئولية ووضع حدّ للأنانية الطفولية. الفيلم ممتع جداً ومليء
بالمرح ويخاطب المشاعر، وسيعجب الكبار قبل الصغار. في مشهد مميّز، تقول الأميرة
"ميريدا": "سيأتي اليوم الذي لا يتوجّب فيه أن أكون أميرة. اليومٌ
الذي يتحقّق فيه أي شيء. اليوم الذي أستطيع فيه أن أغيّر مصيري".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق