Ruby Sparks
فنتازيا أدبية فلسفية رومانسية حول حُلمٍ مستحيل يتحوّل إلى واقع
المخرج
"جونثان دايتون" وزوجته "فاليري فارس" عملا معاً كثنائي
لإخراج هذا الفيلم بعد أن أبهرانا قبل أعوام بعملهما الأول سينمائياً "ملكة
الجمال الصغيرة"، والذي حقّق نجاحاً مبهراً بكونه كوميديا سوداء، وقد أدهش
النقّاد والجماهير في كل مكان، وكان له نصيباً مُرضياً من جوائز الأوسكار.
المخرجان "دايتون" و"فارس" لم يضيفا لهذا الفيلم جرعة
الكوميديا كالفيلم السابق، وذلك لأنّ القصة لا تحتمل ذلك بكونها جدّية وغريبة.
النجمة "زوي كازان" كتبت النص السينمائي للفيلم والذي احتوى على العديد
من عناصر الكوميديا الرومانسية التقليدية، ولم نكن ندرك أن تلك العناصر ستهوي في طريق
التراجيديا المأساوية.
الكاتب الشاب
"كالفن" يقول لشقيقه "هاري" بنبرة حزن ويأس: "هي لا تعلم
بأنّي ألّفتها". هذا الكاتب لم يستطع أن يكتب لمدة طويلة بسبب عدم وجود ما
يلهمه للكتابة، وهو الآن يعاني من مشكلة فريدة من نوعها. أثناء محاولاته اليائسة
في الكتابة يقوم بابتكار شخصيةِ فتاةٍ شابةٍ فاتنة ويُطلق عليها اسم "روبي
سباركس"، وبعد ذلك تنبعث الشخصية في هيئة فتاة حقيقية بالمواصفات التي رسمها
تماماً، كالحلم إذا تحقّق حرفياً. هي تعتقد أنّها عشيقته، وهو غير متأكد من أنها
حقيقية.
الفيلم ينجح وبشكل
مدهش في تحقيق التوازن المطلوب في الأحداث. إنّها قصّة حب غريبة، وهي أيضاً قصّة
شاب غارقٍ في همومه الخاصة ومن المستحيل أن يدع أيَّ أحدٍ يدخل إلى عالمه، وكذلك
هي قصّة فتاة شابة تتلقّى صدمات، كالمسافرة على متن طائرةٍ تواجه اضطرابات جوّية،
إذ تعجز عن فهم ما يحدث ولا تجد تفسيراً لما تشعر به.
النجمة "زوي
كازان" استطاعت صياغة النص بدقّة وعبقرية هائلة، وبجانب ذلك لعبت دور البطولة
في الفيلم بشخصية "روبي سباركس"، وقد أذهلتنا بموهبتها المميّزة في
الكتابة والتمثيل. هذه النجمة في الواقع هي حفيدة المخرج الراحل "إليا
كازان"، والذي يعتبر من كبار المخرجين في هوليوود قبل عقود، كما أنّ والديها
هما أيضاً كاتِبَا نصوص سينمائية شاركا في عدّة أعمال رائعة مثل "نساء
صغيرات" و"الحالة المحيّرة لبنجامين بوتن" و"مذكرات فتاة
الغيشا". النجم "بول دانو" أدّى دور الكاتب "كالفن"
بإبداع وإتقان، ولا ننسى الفنانة الرائعة "أنيت بينينغ" التي كانت لها
إطلالة مميّزة بشخصية الأم "غيرترود"، وكذلك الفنان "أنتونيو
بانديراس" الذي أضفى للفيلم نكهة مرِحة بأدائه المميّز لشخصية زوج الأم
"مورت".
فيلم "روبي
سباركس" يختبر العلاقة بين شخصين من منظور مختلف. أقصد بذلك منظور الخيال
والفن والأحلام، ولا ننسى منظور المخرِجَيْن "دايتون"
و"فارس"، فقد قدّما الفيلم بأسلوب بصري مبهج وجريء. لقد خاطرا بتقديم
قصّة قد يمقتها البعض نظراً لغرابتها واستحالة أن تكون واقعية، ولكنّهما لم يكترثا
للجوانب السلبية وركّزا على الجوانب الإيجابية التي تطرحها القصّة، والتي أجدها مهمّة
وتدعونا للتفكير. لا أستطيع أن أصنّف الفيلم في فئة الكوميديا الرومانسية، لأنّه
أعمق من ذلك، فهو أشبه بفنتازيا أدبية فلسفية رومانسية بعناصر كوميديّة ومأساوية. تم
إنتاج الفيلم بعام 2012.
إنّ
"روبي سباركس" هي كلُّ ما أراده "كالفن"، ومع ذلك لم يكن
سعيداً. كيف له أن لا يكون سعيداً وحلمه قد تحقّق؟! ماذا كان ينقصه وما هو الشيء
الذي تمنّاه؟؟ أسئلة كثيرة سترد في أذهانكم وأنتم تشاهدون هذا الفيلم الرائع، ولن
تجدوا الإجابات ما لم تكن مخيّلتكم واسعة الآفاق!!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق