Water For Elephants
في ليلةٍ ظلماء.. يأتي قِطار.. وتبدأ الحكاية
هناك أمر غريب
وجميل حول قصة الحب التي تجمع بين عارضة في سيرك متجول وشاب يهرب من حياته البائسة
ويصبح عاملاً في ذلك السيرك. ما يجعل فيلم "مياه للفِيَلة" أكثر إثارةً
هو شخصية ثالثة، تذكّرنا بسبب فوز الفنان الألماني "كريستوف وولتز"
بجائزة الأوسكار لأفضل ممثل مساعد عن دوره المميّز في فيلم "الأوغاد المغمورون".
إنّه يلعب دور "أوغست" مالك السيرك، وهو متزوّج من تلك العارضة الجميلة
التي يجعلها هي والآخرين تحت قبضته الحديدية.
القصة مقتبسة من
رواية للكاتبة "سارا غروين"، وهي تُروى كشريط ذكريات من قِبَل رجل عجوز
يدعى "جيكوب"، الذي فقد والديه في عام 1931، ولم يستطع إكمال دراسته
كطالب في تخصص الطب البيطري بجامعة "كورنيل"، وإذا به يسير على الطريق
وهو في حالة يأس، فيصادف قطاراً ويدخل إليه، ويكتشف أنّ القطار هو عبارة عن سيرك
متجوّل. "روبرت باتينسون" يلعب الدور في مرحلة الشباب. إنّه شاب بسيط
ومتحمّس، وعيناه تغمرهما الدهشة والذهول بمجرد رؤية العارضة الجميلة
"مارلينا" وهي على حصانها الأبيض. مالك السيرك "أوغست" على استعداد
تام لأن يرمي بـ "جيكوب" إلى خارج القطار، إلى أن يتّضح له أنّ هذا
الشاب يعرف شيئاً حول الطب البيطري.
الجميل في الفيلم
هو عدم المبالغة في استخدام المؤثرات البصرية في خدع السيرك والعروض وغيرها من
الأمور، و مصمّم المواقع "جاك فيسك" خلق جوّاً إبداعياً بإظهار السيرك
بشكل واقعي، والقطار كذلك. الديناميكية في القصة تعتمد بشكل مباشر على غيرة
"أوغست" من زوجته "مارلينا"، وأيضاً سيطرته على الجميع
وتحكّمه بكل الأمور.
في بداية فترة الأزمة
الاقتصادية، كانت الحياة صعبة والوظائف قليلة. السيرك غارق في الديون،
و"أوغست" يكشف الستار عن نجمة جديدة ويعتقد أنها مفتاح لكسب الثروة
وتسديد جميع الديون. إنها "روزي"، وهي أثنى فيلٍ في منتصف العمر، ويظن
أنّ العرض سيحقق نجاحاً لو استطاعات "مارلينا" ركوبها، وأن يقوم
"جيكوب" بتدريب "روزي" ورعايتها، بالرغم من أنّه لم يسبق لأيٍ
منهما العمل مع "فيل" من قبل. المشاهد تتضمّن إدراك وفهم للغة الِفيَلة
وشخصيتها، وهذا الأمر يخلق سحراً حقيقياً. الفيلم بمثابة إطار للوحة فنية عنوانها
"حياة السيرك على الطريق".
ذروة الفيلم تتضمّن
سلسلة من الأحداث الرهيبة، ولن أبوح بها، ما عدا ذكر أنّ كل شيء يحدث بشكل سريع
ولم يكن هناك أي وقت لمجرد التفكير للحظة فيما قد يحدث من عواقب. ما يثير استغرابي
هو استمرار "مارلينا" بكونها زوجة مطيعة جداً لفترة طويلة،
و"أوغست" لم يعد يستحق هذا الامتياز أبداً. لكن في الواقع هي تحمي
الفيلم من أن يتحوّل إلى "ميلودراما" مملة.
النجمة "ريز
ويذرسبون" أبدعت في أداء شخصية "مارلينا" واستطاعت أن تثبت
للمشاهدين أنها ليست مجرد ممثلة، بل عارضة سيرك موهوبة أيضاً. ومن أتمَّ اللوحة
الفنية هو الفنان المخضرم "هال هولبروك" بشخصية "جيكوب"
العجوز، فقد كان أداؤه مؤثراً جداً.
فيلم
"مياه للفِيَلة" أخرجه "فرانسس لورانس"، والأفلام السابقة
لهذا المخرج لم تعطي إشارة إلى أنّه سيخرج فيلماً كلاسيكياً في منتهى الروعة كهذا
الفيلم. كاتب النص السينمائي هو "ريتشارد لاغريفينيس" الذي كتب نص فيلم
"همس الحصان" وقد أظهر فيه أيضاً تعاطفاً مع الحيوانات، وبالتالي استطاع
نقل مشاعره وأحاسيسه إلى النص بشكل أقل كآبة من الرواية الأصلية. "روزي"
لا تمتلك الكاريزما الخاصة بالحصان، لكن يجب أن تعترفوا بأنّ "توقيتها" كان
مثالياً ولا تشوبه شائبة. "روزي" هي من تستحق التقدير والثناء.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق