الأحد، 20 أكتوبر 2013

On Golden Pond 1981


On Golden Pond
دروسٌ عظيمة في حب أفراد العائلة

 

العاطفة البسيطة نادرة جداً في الأفلام، والحب يأخذ كفايته من الحديث، ولكن كيف باستطاعتنا أن نصدّق أنّ الشخصيات حقاً يربطهم الحب وليس مجرد إعجاب أو رغبة؟! المشاعر الرقيقة يصعب وصفها في أي فيلم، والأفلام التي تسعى إلى ذلك هي أكثر جرأة من الأفلام التي تجسّد الغضب والانتقام، والتي يسهل كثيراً تمثيلها.
فيلم "على البحيرة الذهبية" هو كنزٌ لعدّة أسباب، ولعلّ أهمّها هو مصداقية الفيلم، فأنا شخصياً تأثرت بالشخصيتين الرئيسيتين وعلاقتهما القوية، والأمور التي يشعران بها تجاه أحدهما الآخر، وكانت هناك أيضاً لحظات مؤثرة حول نمو الإنسان وتغيّره. بعد أن انتهيت من مشاهدة الفيلم، شعرت بالدفء والسعادة، وتملّكتني رغبة في إصلاح علاقاتي بالآخرين وأن أستمع إليهم بشكل أفضل، وقد لا يكون هذا شعوري وحدي، بل شعور كل من شاهد هذا الفيلم.
قصة "على البحيرة الذهبية" تبدأ مع وصول زوجين إلى كوخ قرب البحيرة، واللذين اعتادا على قضاء فترة الصيف فيه لسنوات طويلة. الزوجان يعرفان طباع بعضهما جيداً، و"نورمان" هو بروفيسور عجوز عابس الوجه وله نزوات غريبة، ومظهره الزائف يخفي خجلاً كبيراً، و"إيثيل" تعرف ذلك. بعد فترة قصيرة ينضم إليهما ثلاثة أشخاص: ابنتهما "تشيلسي" وخطيبها "بيل" وابنه "بيلي".
تبدأ المشاكل بالتكشّف عندما نعرف أنّ "تشيلسي" تشعر أنّ والدها لم يحبها أبداً، وأنّه فضّل أن يكون لديه ابن، أو ربّما أنّه لم يعرف معنى أن يكون أباً. على كل حال، تقوم بإخبار والديها أنها ستقضي شهراً في أوروبا مع خطيبها وتريد إبقاء "بيلي" في الكوخ معهما، وبما أنّ والدتها لا تريد أن تعيق حياتها تقبل بالأمر. خلال مَشاهد الفيلم الرئيسية تنشأ علاقة تواصل وثقة غير متوقعة بين الرجل العجوز و"بيلي".
تصل الأحداث إلى قمّتها من خلال حادث اصطدام القارب في البحيرة، ويأتي الحل الذي يقرّب الجميع من بعضهم ويدركون أنّ الحياة ثمينة وسريعة الزوال. من خلال محاولة التقرّب من "بيلي"، يتعلّم العجوز "نورمان" كيف يثق بابنته الوحيدة وأن يتواصل معها، فالفتى "بيلي" يزوّد العجوز "لا شعورياً" بالتمارين حول كيفية أن يكون أباً، وفي نهاية المطاف نحصل على النهاية السعيدة التي ترغم المُشاهِد على البكاء من شدّة الفرح.
الفيلم قُدِّم لنا كالعرض المسرحي، وهو قابل للتنبؤ، حيث يمكننا أن نتوقع ما سيحدث للشخصيات خلال نصف الساعة القادمة، وذلك لأن الفيلم – كما ذكرت – واقعي جداً وصادق، بسبب الأداء المذهل للممثلين، وأيضاً النص السينمائي الرائع للكاتب "إرنست تومبسون" الذي جعل مَشاهد الفيلم كلها تبدو رائعة.
المحادثات العميقة بين الشخصيات تغمر أحداث الفيلم، خصوصاً تلك التي بين الزوجين، وكذلك مَشاهد حادث القارب. الفنانة الراحلة "كاثرين هيبورن" قدّمت واحداً من أجمل أدوارها السينمائية في شخصية "إيثيل" وقد حقّقت رقماً قياسياً بحصولها عن هذا الدور على رابع جائزة أوسكار لأفضل ممثلة وهي في السبعين من عمرها وذلك بعام 1981، وكذلك الفنان الراحل "هنري فوندا" الذي أدى دور "نورمان" ببراعة وقد استحق حقاً جائزة الأوسكار التي نالها لأفضل ممثل، ويعتبر لغاية الآن أكبر ممثل ينال الجائزة عن دور رئيسي وكان عمره 77 عاماً، وقد توّفي بعد عامٍ من عرض الفيلم ليكون آخر روائعه السينمائية.
نال الفيلم أيضاً جائزة أفضل نص سينمائي مقتبس، وترشّح لنيل 7 جوائز أخرى لأفضل فيلم وأفضل إخراج وأفضل موسيقى تصويرية وأفضل تصوير وأفضل مونتاج وأفضل تحرير صوتي وأفضل ممثلة مساعدة "جين فوندا" بدور "تشيلسي"، والتي هي في الواقع ابنة "هنري فوندا" الحقيقية، وظهرت كابنته في الفيلم، وأضاف ذلك إحساساً جميلاً.
الفيلم رائع جداً برؤية المخرج العبقري "مارك ريدل" وأنغام الموسيقار "ديف غروسين" وكادر التمثيل المذهل الذي يضم 6 نجوم فقط، وأظن أنّ الروعة تكمن في البساطة، فهؤلاء الستة قدّموا ما لم يقدمه مئات الممثلين في فيلم واحد.
إذا علمنا أنّ "جين فوندا" و"هنري فوندا" لديهما نفس المشاكل من قصة الفيلم في حياتهما الواقعية، هل هذا يجعل الفيلم "إشاعة" أو شيئاً من هذا القبيل؟! كلا بالطبع!! ليس إذا كان الفيلم يتناول المشاكل بمصداقية كهذا الفيلم. كشخصَيْن عادِيَيْن، تعلّما شيئاً عن الحب والرعاية، وكممثِلَيْن، أُتيحت لهما الفرصة ليتواصلا على الرغم من اضطراب بيئة الحياة في هذا النص السينمائي. بمشاهدتي لهذا الفيلم شعرت أنّي أشهد شيئاً نادراً وعظيماً.
 


 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق