The Intouchables
قصة سمكتين تعيشان خارج الماء!!
تدور القصة حول
"فيليب" وهو من أغنى النبلاء في فرنسا، والذي تتدهور حياته بعد تعرّضه
لحادث ويصبح في حالة شلل دائم. إعاقته الشديدة تجبره الإتكّال أن يتّكل على
الآخرين بشكل متواصل في القيام بالمهام اليومية، كالاستحمام وقضاء الحاجة. لهذا
السبب لديه عدّة مقابلات تنسّقها مساعِدته الخاصة مع عدد من الأفراد من قطاع
الرعاية الصحية للعثور على رجل واحد يساعده في تسهيل حياته أكثر.
أحد المتقدّمين
يدعى "إدريس" وهو شاب تم إطلاق سراحه من السجن مؤخّراً بتهمة السطو
المسلّح على أحد المصارف، والذي تم إجباره على الذهاب للمقابلة من قِبَل عضو مجلس
الإرشاد. "إدريس" يظهر في المقابلة بشكل متهوّر ويُبدي غروراً واضحاً وعدم
الاهتمام بمحنة "فيليب". لأسباب لا يفهمها إلا "فيليب" نفسه،
"إدريس" هو الذي يلقى إعجابه من بين كل المرشّحين. عدم الاكتراث والشفقة
من ذلك الشاب هو ما بالتحديد ما يريده من الشخص الذي سيقوم بمساعدته. هكذا تبدأ
عملية الاقتران الغير متوقعة، والتي تجعل من شخصين كانا أبعد ما يكون عن بعضهما،
أقرب بشكل لم يتصوّراه أبداً.
المخرجان
"ناكاشي" و"تولدانو" يعالجان المادة القصصية بحكمة وروّية،
ويعرفان أين تكمن نقاط القوة في الفيلم والتي تشجّعهما على الاستفادة من مزاياها
لأقصى درجة وبلا توقّف. البطل الذي يراه المشاهدون في البداية ويظنّونه سخيفاً
وسطحياً، وأقصد بذلك "إدريس"، يجب أن يخوض دروساً كثيرة من أجل أن
يتكيّف مع محيطه الجديد وكيف يتواصل مع المجتمع. في حين لا يعرض الفيلم هذه الدروس
بشكل مفصّل، ولكنه يصل إلى الهدف بسرعة معقولة مما يسمح للغالبية العظمى من هذه
القصة بالتركيز الكامل على ازدهار الصداقة بين "إدريس" و"فيليب".
ما يساعد الفيلم
هو اعتماده على الكوميديا، وفي نفس الوقت لا يخلو من طبقات الدراما التي تتزايد مع
الأحداث، مما يجعل المَشاهد أكثر وقاراً. العلاقات بين الشخصيات تتعمّق بشكل مضحك
ومبكي، وكذلك بالنسبة للموسيقى، فكيف يمكن للموسيقى الكلاسيكية الهادئة أن تصبح
صديقة موسيقى الهيب هوب الصاخبة؟؟!! النص السينمائي رائع للغاية ومليء بالإنسانية
والمشاعر النبيلة، والفنان "عمر ساي" هو نجم الفيلم الحقيقي. صريحٌ
وواثق من نفسه، ويُبدي كل الرعاية والاهتمام حين يُدرك مدى قسوة الظروف التي يمرُّ
بها "فيليب".
شخصية
"إدريس" تتطلب قوة وصلابة، وهو يمتلكها بوفرة، ولأن أداءه كان ساحراً
ومذهلاً، فاز بجائزة "سيزار" التي تعادل الأوسكار في فرنسا، لأفضل ممثل،
متغلّباً على منافسه الأقوى "جان دوجاغدان" عن فيلم "الفنّان"
بعام 2011. النجم "فرانسوا كلوزيه" أبدع هو الآخر في أداء شخصية
"فيليب" بهدوئه ونظرته المتفائلة للحياة. إنّه فنّان واستطاع إقناعنا
بإعاقته بشكل يجعلنا نريد أن نكون مكان "إدريس" كي نساعده ونخفّف آلامه.
الفيلم مستوحى من قصة حقيقية وما نراه هو عرض نموذج واقعي لشخصيتين حقيقيتين لا
تزال صداقتهما قائمة.
ليس
هناك أعظم من فيلمٍ يرسم على وجوهكم ابتسامة وعلى قلوبكم أيضاً. فيلم
"المنبوذون" من الأفلام الفرنسية القليلة التي قُدِّمَت بحسٍ فنيٍّ
عالٍ. المخرجان محظوظان بما يمتلكانه في فيلمهما: "بطلان مميّزان ونص سينمائي
مذهل"، والنهاية الرائعة تكشف عن ثمار هذه الصداقة النادرة وتترك للمشاهدين
نافذة مفتوحة يرون من خلالها أجمل منظر طبيعي عنوانه "إدريس"
و"فيليب".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق