الأحد، 10 نوفمبر 2013

Chicago 2002


Chicago

الطموح للشهرة يتطلّب الجريمة والرقص والغناء في أرجاء شيكاغو

 



يواصل فيلم "شيكاغو" إحياء المجد الموسيقي الاستعراضي الذي بدأ بعد غياب طويل مع الفيلم الرائع "مولان روج". الجماهير الحديثة لا يرغبون في مشاهدة قصص تتخلّلها الأغاني، ويبدو أنّهم يفضّلون الأغاني التي تتخلّلها قصص. الفيلم عبارة عن أغانٍ رائعة ورقصات خلّابة مع عبارات كافية لدعم الموسيقى والسماح للجميع بالتقاط أنفاسهم بين الأغاني. يمكنكم مشاهدته مثلما تستمعون لألبومٍ غنائي، مراراً وتكراراً.
تلعب دور البطولة في الفيلم الفنانة "رينيه زيلويغر" بشخصية "روكسي هارت" التي تقتل عشيقها وتقنع زوجها بدفع ثمن الدفاع عنها، وهناك أيضاً الفنانة "كاثرين زيتا جونز" بشخصية "فيلما كيلي" التي تقتل زوجها وشقيقتها بعد أن وجدتهما معاً. الفنان "ريتشارد غير" يلعب دور "بيلي فلين"، وهو محامٍ ناجح ويفتخر بقدرته على كسب كل القضايا الموكلة إليه، ولا يكلّف ذلك سوى 5000 دولار فقط.
المخرج "روب مارشال" يُبدع في أول أعماله السينمائية، وكونه خبير في فنون الرقص استطاع قيادة الممثلين بالشكل المطلوب. القصة متوهجّة وتسير على أنغام الجاز، وهي تدور في مدينة الجريمة والشهرة في عشرينيات القرن الماضي. كانت مدينة شيكاغو ولا تزال صاخبة بسكّانها وموسيقاها، وأيضاً بكونها مليئة بالجرائم والصخب الإعلامي، وقصة الفيلم مستوحاة من العناوين الصارخة في الصفحات الأولى من الصحف الشهيرة في ذلك العصر. "روكسي" تزوّجت "إيموس هارت" الساذج والمغفل، وكانت حينها صغيرة ولم يكن قرارها حكيماً، ولذلك تتّخذ من الشاب "فريد" عشيقاً لها، والذي يكسب حبّها بأسلوب حديثه المنمّق ووعودِه لها بالنجومية والشهرة. حين تكتشف أنّه كاذب تقوم بقتله فتُرسَل إلى السجن وتنتظر حكم الإعدام، وكذلك "فيلما كيلي".
هل يمكنهما الإفلات من العقاب؟؟ "بيلي فلين" وحده يستطيع الإجابة عن هذا السؤال. القاتلتان "روكسي" و"فيلما" تستحوذان على اهتمام الصحف بمكرٍ ودهاء. بصحبة الموسيقى والأغاني في السجن وقاعة المحكمة نعيش أوقاتاً ممتعة بمشاهدة هذا الفيلم الرائع.
بدلاً من إدراج الأغاني في الأحداث بشكلٍ عشوائي، قام المخرج "روب مارسال" وكاتب النص "بيل كوندون" بتشكيل الأغاني في مخيّلة "روكسي" الحالمة بالشهرة، بحيث يمكنهما تجاوز الواقع وجعل الجميع يغنّون ويرقصون بما في ذلك المُحامين. هناك العديد من لحظات الشفقة المتوالية في الفيلم، وخير مثالٍ على ذلك "إيموس" وهو غير قادر على تصديق لعبة الغش والخداع والاحتيال التي لعبتها معه زوجته "روكسي". الفنان "جون سي رايلي" بملامحه الساذجة يجعلنا متعاطفين معه لأبعد الحدود، وفي الواقع هذا هو شعورنا أيضاً ونحن نشاهده في دور الزوج بفيلم "الساعات" الذي أُنتِج في نفس العام.
"روكسي هارت" لم تولد لتكون نجمة، وبيت القصيد هو أنّها ليست كذلك، وما أضافته الفنانة "رينيه زيلويغر" للشخصية هو الهوَس الحالم والافتتان بنفسها وحبّها للشهرة بشكل يفوق الحد. يفترض بـ "فيلما" أن تكون نجمة غناءٍ ورقص، والفنانة "كاثرين زيتا جونز" تقدّم الشخصية بكل روعة وأسلوب رفيع، والأهم من ذلك إحساسها بالثقة العمياء في أنّ العالم كلّه يترقّب ظهورها على خشبة المسرح. وجود النجمة "كوين لاتيفا" في الفيلم يُضفي لمسة ساحرة ومرحة للغاية بظهورها في شخصية آمرة السجن "ماما مورتون".
قبل عقود من الزمن، كانت الأفلام الموسيقية الاستعراضية تحتل مكانة مرموقة لدى الجماهير والنقّاد، ونذكر منها أفلاماً عظيمة مثل: "صوت الموسيقى" و"سيّدتي الجميلة" و"ماري بوبينز" و"أوليفر"، والتي حازت على العديد من الجوائز العالمية، ومرّت فترة طويلة دون ظهور عمل موسيقي مميّز، إلى أن حانت لحظة إعادة المجد العريق في عام 2001 بالفيلم الرائع "مولان روج" مع الفنانة "نيكول كيدمان" والمخرج "باز لورمان".
بعد عام من ذلك شاهدنا فيلم "شيكاغو" بكل شغفٍ وحسٍ موسيقي، وقد حقّق نجاحاً فائقاً وكان له نصيب الأسد في جوائز الأوسكار بعام 2002، إذ حصل على 6 جوائز لأفضل فيلم وأفضل ممثلة مساعدة "كاثرين زيتا جونز" وأفضل تحرير صوتي وأفضل مونتاج وأفضل تصميم مواقع وأفضل تصميم أزياء. ترشّح أيضاً لنيل 7 جوائز أخرى لأفضل ممثلة "رينيه زيلويغر" وأفضل ممثل مساعد "جون سي رايلي" وأفضل ممثلة مساعدة "كوين لاتيفا" وأفضل إخراج وأفضل نص سينمائي مقتبس وأفضل تصوير وأفضل اغنية.
"شيكاغو" قد لا يبدو صالحاً بقصّته لأن يكون فيلماً عادياً، ولذلك تطلّبَ الأمرُ بناءَه بظروفٍ مختلفة، من خلال تصويره بروحِهِ الخاصة.. بجعله عملٍ مسرحي ساخر بالرقص والغناء.. بتلطيف القصص العالقة بدلاً من تعقيدها.. والنتيجة هي لحظات ممتعة ليس لها مثيل.
 


 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق