السبت، 9 نوفمبر 2013

Mrs. Miniver 1942


Mrs. Miniver

قصة نضال وصُمود عائلة "مينيفر" أمام الحرب العالمية الثانية


 

فيلم "السيّدة مينيفر" هو من الأفلام الحربية النادرة التي ترّكز على الأشخاص الذين بقوا في منازلهم أثناء الحرب  وناضلوا وصمدوا بقوّة في وجه العدو. نشعر معهم بالقلق الشديد والخوف من الخسارة الوشيكة، وهذا الفيلم يدور حول عائلة بريطانية من الطبقة الوسطى خلال السنوات الأولى للحرب العالمية الثانية. المعركة ضد النازيّين تصبح أكثر من مجرّد موضوع للنقاش عندما تضطر عائلة "مينيفر" إلى مواجهة الحقائق الصعبة لهذا الصراع المتنامي.
"فين" الابن الأكبر في العائلة ينضمّ للقتال في الساحة، ووالدته قلقة جداً وتتمنى عوده سالماً. تُستَخدم قريتهم الصغيرة في المساء للتدريب على الرماية من قِبَل سلاح الجو الألماني والذين يدمّرونها بشكل لا يوصف، وعلى الرغم من الوضع المضطرب والغارات الليلية المستمّرة، يرفض القرويون الاستسلام للخوف ويحاولون بشتّى السُبُل مواصلة التمتّع بحياتهم اليومية كما كانوا يفعلون دائماً. الأمهات يعتنين بمنازلهن، والشباب يقعون في الحب، وأيضاً معرض الزهور السنوي يُقام بنجاح ساحق.
السيّدة "كاي مينيفر" هي المحرّك الرئيسي للقصّة التي تحمل اسمها، وبهدوئها وقوّة شخصيتها تصمّم على إبقاء الأحداث في خط منتظم ودقيق جداً على الرغم كون القصّة مليئة بالألم والخطر، وهذا الأمر أبعد الفيلم من أن يتحوّل إلى ميلودراما مملّة أو حملة دعائية، خصوصاً أنّه أُنتِج خلال فترة الحرب وذلك بعام 1942، وبكونه أيضاً يدور حول شخصيات حقيقية. الرسالة واضحة: "الألمانُ أشرار ويجب ردعهم بأي ثمن".
ليس هناك شكّ أنّ هذا الفيلم أُنتِج لرفع معنويات المجتمع ودعم الصراع، ولكنّه أيضاً يحمل رسالة مهمّة حول بشاعة الحروب وتأثيرها العميق والبعيد المدى على الأشخاص القلقين والخائفين في منازلهم وكذلك الرجال والفتيان الذين يحاربون العدو في ساحة القتال. الفنانة الراحلة "غرير غارسون" استحقّت كل الجوائز التي تلقّتها عن أدائها الرائع والمميّز لشخصية السيّدة "مينيفر".
إنّها تعيش كل يومٍ بتفاؤل وتسعى جاهدة للحفاظ على أسرتها وإبقائها في أمانٍ وسعادة على الرغم من الفوضى التي تحيط بهم من كل جانب، وهي على دراية تامة بأنّه يمكن لأيّة قنبلة صغيرة في أيّة لحظة أن تقضي على كل شيءٍ تعيش لأجله، ولكن إرادتها قويّة ولا تخضع أبداً لمخاوفها. حازت هذه الفنّانة على جائزة الأوسكار لأفضل ممثلة لقاء تجسيدها المذهل لهذه الشخصية.
الفنان "والتر بيدجيون" أدّى شخصية الزوج السيّد "مينيفر" بشكلٍ رائع وقد ترشّح لنيل جائزة الأوسكار لأفضل ممثل. الفنانة "تيريزا رايت" حازت على جائزة أفضل ممثلة مساعدة عن أدائها المميّز لشخصية "كارول" وهي حفيدة صاحبة الأملاك السيّدة "بيلدون" التي لعبت دورها الفنانة الرائعة "ماي ويتي" وقد ترشّحت هي الأخرى لجائزة أفضل ممثلة مساعدة. حقّق الفيلم نجاحاً منقطع النظير في فترة عرضه وقد حاز على جائزة الأوسكار لافضل فيلم وأفضل إخراج وأفضل نص سينمائي أصلي وأفضل تصوير، وترشّح لنيل جائزة أفضل ممثل مساعد "هنري ترافرس" عن دور السيد "بالارد"، وكذلك جوائز لأفضل مونتاج وأفضل تحرير صوتي وأفضل مؤثرات بصرية.
المخرج المبدع "ويليام وايلر" لم يستغل القصة لكسب الدموع، فقد جعل الشخصيات تتفاعل مع بعضها بنزاهة لتقديم دراما عاطفية من واقع الحياة. بعد مشاهدة العديد من الأفلام الكلاسيكية في تلك الفترة، لم أجد فيلماً جريئاً وصادقاً كهذا الفيلم. أفراد عائلة "مينيفر" هم مثال للحب والشجاعة والإخلاص والتضحية، ومنهم نتعلّم كيف نبقى سعداء وأقوياء وصامدين مهما اشتدّت علينا الصعاب. الآن وبعد مرور أكثر من سبعين عاماً، لا تزال هذه الشخصيات مصدر إلهامٍ لنا جميعاً.
 


 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق