الأربعاء، 27 نوفمبر 2013

Seabiscuit 2003


Seabiscuit

قصة ثلاثة رجال وأسطورة عظيمة!!

 

"سيبيسكِت" كان حصاناً صغيراً وكسولاً، ووظيفته الوحيدة هي الأكل والشرب، ولم يكن يحسن التصرّف. كان هذا قبل أن يقابل الرجال الثلاثة الذين جعلوا منه أعظم أسطورة رياضية محبوبة من قبل الجماهير في ثلاثينيات القرن الماضي.
الرجال الثلاثة هم: المالك "تشارلز هاورد" الذي برع في مجال السيارات، والمدرب "توم سميث" الذي سُمِّيَ بالأحمق لمجرد التفكير في أن بإمكانه معالجة الأحصنة التي يعجز غيره عن معالجتها فيقتلونها، والفارس "ريد بولارد" الذي بدأ بالعمل كمنظّف اسطبل، ولأنه يمر بحالة من الإكتئاب الشديد، لم يتردّد في أداء أي عملٍ كان.
فيلم "سيبيسكِت" مقتبس من الكتاب الذي حقّق أعلى المبيعات للمؤلفة "لورا هيلينبراند" وهو يحكي بالتفصيل قصة هؤلاء الرجال الثلاثة مع الحصان في ظل الأزمة الاقتصادية في تلك الفترة. الاكتئاب سيطر على أمريكا لأقصى درجة، وأفراد المجتمع أرادوا شيئاً يؤمنون به، وبطريقة ما وجدوا الحصان "سيبيسكِت" والرئيس "روزفيلت" شيئين جديدين.
القصة تمتلك المادة الكلاسيكية لفيلم رياضي، وتدعو الجميع للجلوس على المدرّج لمشاهدة سباقِ أحصنةٍ رهيب في النهاية، ولكن المخرج فضّل التروّي في فصول الفيلم، وافتتحه بمقدمة عذبة لتلك الفترة من الزمن، وحياة هؤلاء الرجال الثلاثة قبل ظهور الحصان، ومن جديد نرى المعركة الكلاسيكية بين السيارة والحصان، لكون السيارة اختراعاً حديثاً يطغى على بساطة الحصان.
"تشارلز هاورد" يبدأ حياته كبائع دراجات، وبعد فترة يتخصّص في تصليح السيارات، وإذا به يتحوّل إلى مليونير يشتري مزرعة ضخمة ويحوّل الاسطبلات إلى مواقف للسيارات، وبعد مأساة عائلية يغيّر نشاطه ويصبح مالك ومربّي أحصنة، ومع توالي الأحداث يلتقي بـ"ريد بولارد" و"توم سميث"، ويكتشف "تشارلز" أنه يمتلك كل شيء إلا حصاناً، و"توم" لديه ثقة بالحصان "سيبيسكِت"، ويشعر أنه يستطيع أن يتواصل معه بقلبه.
الفيلم لا يرتكب الخطيئة الكبرى بمعاملة الحصان كإنسان. إنه حصان طوال الوقت!! حصان قادر على الركض بسرعة رهيبة وتصعب هزيمته، وذلك حين يكون تحت تأثير استراتيجية "توم" وحُب "ريد". السباقات في الفيلم مثيرة جداً، والأمر يعود للمخرج "غاري روس" والمصوّر المبدع "جون شوارتزمان"، ونشاهد مدى روعة التصوير باللقطات القريبة للمتسابقين، ويصعب علينا أن نحدّد مكان الكاميرا، لأنّ عيوننا معلّقة طوال الوقت على الأحصنة والفرسان الذين يسعون للفوز بأيّة طريقة.
ليست الأحصنة وحدها من تتنافس، ولكن مالِكيها يتنافسون أيضاً، ونراهم ينظّمون للسباق القادم بكل جهد، ويبدأ الرهان بين الجماهير، وظهور الإشاعات، والتضخيم الإعلامي، وتوقّف الحياة تماماً إلى حين انتهاء السباق.
من أكثر الشخصيات تأثيراً في الفيلم هي شخصية "توم سميث"  الذي يلعب دوره الفنان "كريس كوبر"، وقد بدا مسناً وشاحباً وضعيفاً، ولا ننسى الفنان "جيف بريدجز" الذي أدى دور "تشارلز هاورد" بإبداعٍ وإتقان، والنجم "توبي ماغواير" في شخصية "ريد بولارد" أبدع هو الآخر في أدائها.
فيلم "سيبيسكِت" هو فيلمٌ رائعٌ جداً ويحمل رسالة إنسانية في الشجاعة والعزيمة والإصرار على الفوز، وقد ترشح لنيل 7 جوائز أوسكار بعام 2003 لأفضل فيلم وأفضل نص سينمائي مقتبس وأفضل تحرير صوتي وأفضل تصميم مواقع وأفضل تصميم أزياء وأفضل مونتاج وأفضل تصوير. في أحد مشاهد الفيلم سمعت مقولة أعجبتني كثيرا لـ "تشارلز هاورد"، فقد قال: "الحصان صغيرٌ جداً، والفارس كبيرٌ جداً، والمدرّب مسنٌ جداً، وأنا غبيٌ جداً لأحدّد الاختلاف".
في نهاية الفيلم يراودنا شعورٌ جميل، وتتملّكنا رغبة في البكاء، ليس بسبب الحزن، ولكن بسبب الشجاعة والعزيمة، وبسبب تعلّقنا بالحصان "سيبيسكِت" وإحساسنا به، وبما عاناه مالِكُه من ألم، وما مرّ به المدرب "توم" من شقاء، وما حدث للفارس "ريد" أيضاً لم يكن أمراً سهلاً أبداً.
 


 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق