الثلاثاء، 5 نوفمبر 2013

Marvin's Room 1996


Marvin’s Room

قصةٌ شقيقتين فرّقتهما السنوات وجمعتهما اللحظات!!

 

هناك جُملة من الحوار تأتي في منتصف فيلم "غرفة مارفن" وهي المفتاح للفيلم بأكلمه. الجملة قيلت من قِبَل امرأة وضعت حياتها في سجن لسنوات، وذلك من أجل رعاية والدها الذي يحتضر ببطء طيلة 20 عاماً. هل هُدِرَت حياتها؟! في الحقيقة هي لا تعتقد ذلك!! وقد قالت: "أنا محظوظة جداً لأنّي قادرة على أن أحبَّ شخصاً لهذه الدرجة".
إنها تدعى "بيسي"، وهي تعيش في "فلوريدا" مع والدها "مارفِن" الذي لا يزال يحتضر، ومع العمّة المجنونة "روث". تكتشف "بيسي" أنها مصابة بمرض السرطان وقد تُشفى بواسطة عملية زرع عظم النخاع. المرشّحون الوحيدون هم: "لي"، شقيقتها التي لم ترها منذ سنوات، وابنيها "هانك" و"تشارلي".
تعيش "لي" في "أوهايو"، وقد تقدّمت حياتها للأفضل بعد سنوات من عدم الاستقرار بحصولها على شهادة في التجميل، وفي نفس الوقت تتدهور حياتها بعد أن قام ابنها الأكبر "هانك" بحرق المنزل. الشقيقتان لا تجمعهما علاقة الشقيقات أبداً، فهما بالكاد تتواصلان، وفي الحقيقة يجمعهما خلاف قديم بسبب بسيط وهو عدم الاتفاق.
فيلم "غرفة مارفِن" يمتلك قوة هائلة من طاقم الممثلين، فبالإضافة للفنانتين "ميريل ستريب" و"ديان كيتون"، هناك الفنان "روبرت دي نيرو" في دور الطبيب الحنون، وعلى الرغم من قلة ظهوره في الفيلم، إلاّ أنّي دُهِشت من أدائه المؤثر. "ميريل ستريب" أثبتت جدارتها كالعادة وقدّمت دور "لي" ببراعة، وليس بأمرٍ غريبٍ عليها لكونها تحمل رقماً قياسياً في ترشيحات الأوسكار كأفضل ممثلة، أمّا "ديان كيتون" فقد كانت الأروع، وجسّدت شخصية "بيسي" بكل أحاسيسها وجعلتني حقاً أشعر بمرضها وألمها، وفي نفس الوقت أشعر بسعادتها الغامرة وحبّها لوالدها، وقد ترشّحت لنيل جائزة الأوسكار لأفضل ممثلة عن هذا الدور الرائع بعام 1996.
تقوم "لي" بإخراج ابنها المراهق "هانك" من دار الأحداث وهو مكبّل بالقيود بسبب ما قام به، وتقود سيارتها نحو الجنوب ويرافقهما "تشارلي" الذي يعتبر مشرفاً على سلوك شقيقه الأكبر. يحين اللقاء المنتظر بين الشقيقتين بعد 20 عاماً من الانقطاع، وفي الواقع لم يكن اللقاء طبيعياً، وفي تلك اللحظة شعرت حقاً أنهما على خلافٍ كبير.
ما إن التمَّ شمل الشقيقتين، يبدأ الفيلم بالتحوّل إلى سلسلة من محادثات التحقيق، ومن الطبيعي أنّ الشقيقتين "تحتاجان" للحديث مع بعضهما. هناك الكثير يجب أن يُقال، والمخرج "جيري زاكس" يتيح لهما المجال الكافي لذلك.
كيف تنهار العائلات؟ لماذا أكثر العائلات لديهم شخصٌ واحد فقط يتحمّل كل المسئوليات في المحافظة على بيت العائلة، بينما يهرب الآخرون لأبعد ما يكون وبأسرع ما يكون؟ هل هذا الشخص ضحية والبقيّة يستغلّون الوضع؟ أو أنّ من حق الجميع اختيار الدور الذي يرغبون به؟!
ما يدور من جدالٍ في "غرفة مارفِن" هو أنّ هروب "لي" من المنزل قبل 20 عاماً قد يكون سبباً في خداع نفسها، وأنّ بقاء "بيسي" مقيّدة في السرير إلى جانب والدها المحتضر قد يكون أمراً في صالحها، أو قد لا يكون كذلك!! قد تكون "لي" غير قادرة على رعاية والدها ولذلك فضّلت أن تبقى بعيداً قدر الإمكان. هناك مَشاهد في "غرفة مارفِن" جعلتني أجد بعض الأسئلة من الفيلم والتي ألهمتني بأسئلة شبيهة وموازية لها في عقلي، ففي قاموس كل العائلات هناك مفردات المرض والموت، ولذلك كل العائلات تُحدِث أسئلة كتلك.
هل لدى أحد الزوّار الثلاثة الذين أتوا من "أوهايو" عظم نخاع متطابق من أجل عملية الزرع؟ هل ستعيش "بيسي"؟ هل سيموت والدها؟! العمق الحقيقي لهذا الفيلم ينكشف في واقع أنّ القصة لا تدور حول هذه الأسئلة. إنها أسئلة عرضية، والفيلم يركّز على الطرق التي تتعامل بها الشقيقتان في التفاهم حول علاقتيهما، وهما تحتاجان إلى ذلك بشدّة، وبطريقة ما يتعلّم الولدان شيئاً وإن كان بشكل عشوائي، حول الفرق بين التعاسة الحقيقية ومشاكل الطفولة.
الفنانتان "ميريل ستريب" و"ديان كيتون" بأسلوبهما المختلف، يجدان طرقاً لجعل "لي" و"بيسي" داخل منظور أهم بكثير من مجرد التعبير عن مشاكلهما. النجم الموهوب "ليوناردو ديكابريو" في أفضل أيامه، فقد قدّم شخصية "هانك" بإبداع وإتقان، وكان هذا الفيلم الذي يسبق دخوله إلى عالم الأثرياء، وبذلك أعني قبل دخوله إلى سفينة "تايتانيك" لتمثيل دور البطولة في الفيلم الذي حقّق أعلى مبيعات التذاكر في مختلف دول العالم. "ليوناردو ديكابريو" يعتبر من أفضل النجوم المراهقين في تلك الفترة والآن أثبت جدارته كنجم شاب، وفي هذا الفيلم يقوم بالدفعة الذي تحتاجها القصة لكي يخفّف الحوار الثنائي بين الشخصيات. هو معرقل القصة.. القوة الخارجية.. المنبّه إلى أنّ الحياة ستستمر على أيّة حال وتنتهي، وأنّه حتّى الموت الطويل لن يستمر للأبد.



 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق