السبت، 9 نوفمبر 2013

Harry Potter and The Deathly Hollows – Part 2 2011


Harry Potter and The Deathly Hollows – Part 2

لحظة الوداع الأخيرة بين المحبين وهاري بوتر

 


أكتب هذه الكلمات والحزن يغمرني، فكم كانت أجمل سنوات حياتي بصحبة "هاري بوتر" وأصدقائه. لا أستطيع أن أتخيّل أنّ هذا هو الفيلم الأخير، ولم تعد هناك مغامرة قادمة أنتظرها بفارغ الصبر. هذا الأمر يحزنني جداً.
بعد سبعة أفلام سابقة استمرت لعقدٍ كامل، تصل ملحمة "هاري بوتر" إلى خاتمة رائعة ومُرضية في هذا الفيلم "مقدسات الموت – الجزء الثاني". يستحضر الفيلم مقداراً جيّداً من الرعب والجدّية لكي يحقّق النهاية المناسبة التي تلائم براءة الفيلم الأول "حجر الفيلسوف".
الوقت قد حان لـ "هاري" كي يصفّي الحسابات القديمة مع "فولدمورت" في مواجهتهما الحاسمة، وأنا لا أتجرّأ أن أكشف أي تفصيل صغير حول القصة، لكن ما ألاحظه في هذا الفيلم الأخير هو جمع شمل العديد من الشخصيات العظيمة التي عرفناها على مر السنين. الكثير من الممثلين البريطانيين البارزين لعبوا أدواراً في سلسلة أفلام "هاري بوتر"، وهنا نرى مرة أخرى شخصيات كانت جديدة، والآن ذاع صيتها بمن يؤديها: "ألباس دامبلدور"، و"سيفيروس سنيب"، و"روبياس هاجريد"، و"سيريوس بلاك"، و"ريموس لوبين"، وأيضاً "مِنيرفا ماكغوناغل" التي تستجمع شجاعتها أخيراً وتقوم بحماية مدرسة "هوغوارتس" من "فولدمورت".
لا تريدون معرفة ما سيحدث لمدرسة "هوغوارتس" هنا. الأبراج العالية والمباني التاريخية تنهار وتصبح رماداً، وتتحول المدرسة إلى ساحة معارك رهيبة، ولا نشعر أنّها في بريطانيا، فلا يوجد مكان يستوعب هذه الحرب الطاحنة، ولكن هل "هوغوارتس" بالفعل تقع في بريطانيا الحقيقة؟؟
المعركة تدور حقّاً في "بريطانيا الخيالية"، والسلسلة بقيت مخلصة تماماً للتصوّر الأصلي للكاتبة "جي كي رولينغ"، وقاوم المخرجون الإغراءات بإمكانية تقليل القتال وعدم التعقيد. "رولينغ" ابتكرت عالماً خيالياً بمنطقها الخاص، وفي النهاية نشعر بالرضا عن رؤية النهايات المُطلَق سراحها وهي تجتمع في بؤرة واحدة. الأسرار العالقة تُكشَف، والشكوك تتبدّد.
في مشهد حالم، يُسمَح لنا برؤية الشخصيات الرئيسية في بدايات حياتهم. كانوا صغاراً جداً، والقصة أخذت تنمو معهم. "دانييل رادكليف" كان في الحادية عشرة عندما لعب شخصية "هاري بوتر"، والآن أصبح في الحادية والعشرين. هو و"روبرت غرينت" بشخصية "رون ويزلي" و"إيما واتسون" بشخصية "هرميوني غرينجر"، امتلكوا الشجاعة والإصرار على إكمال هذا المشوار الطويل والشاق. لم نجد ممثلين شباب قد عملوا بلا هوادة طوال عشر سنوات متواصلة في أفلام متسلسلة.
الأمر الواضح في هذا الفيلم هو أنّ الشخصيات الثلاث الرئيسية تستحوذ عليها الشخصيات الثانوية، فمهما كانت الأدوار بسيطة، لا يمكننا أن ننكر مدى أهميتها في سير أحداث الفيلم. إنهم يتجولون في كل مكان ويراقبون كل شيء ويسترقون السمع ويفكّرون ويحلّلون. "هاري" يناضل بقوة وبثبات حتى ينتصر، وفي هذه الأثناء، ممثلون عظماء مثل "ماغي سميث" و"هيلينا بونهام كارتر" و"مايكل غامبون" و"ألان ريكمان" و"رالف فاينس"، يستحوذون على المَشاهد بمجرّد وجودهم فيها.
الممثل "رالف فاينس" بشخصية "فولدمورت" يهيمن على هذا الفيلم، ويثبت أنّ تجسيد الأدوار الشريرة أصعب من الأدوار الطيبة. الأمر يتطلب شخصاً شريراً حقاً كي يستطيع الصمود وسط الأطلال المنهارة في "هوغوارتس"، وإجبار التلاميذ الباقين على الاختيار بين البقاء بجانب "هاري بوتر" أو الانضمام إليه.
"مقدسات الموت – الجزء الثاني" قد يكون الفيلم الوحيد من السلسلة الذي لا يمكن مشاهدته بشكل مستقل من بين الآخرين. ليس فقط لأنه مُثقَل برحلة البحث المعقدّة وراء "الهوركروكس"، بل لأنّه "نهاية" بكل معنى الكلمة، فهذا الفيلم تم تخصيصه لكشف كل الأسرار الدفينة منذ الأفلام الأولى وبذلك تكتمل الصورة وتوضع النقاط على الحروف. إنّه مُرْضٍ جداً، ويمكننا أن نتسامح في مسألة عدم إعطاء كل شخصية من الشخصيات "الكثيرة" وقت كافٍ لوداعٍ لائق. "ستيف كلوفز" استطاع أن يقتبس فصول الرواية بدقّة وإبداع دون أن يترك لنا فرصة لنتساءل حول شيء مبهم، فكل الأمور باتت واضحة.
ما يثير الدهشة في الفيلم هو طريقة التعامل مع الموت. هذه الشخصيات تعيش حرباً، وتحت تأثير لعنة سوداء، والعديد منهم سيلقى حتفه حتماً. المخرج "ديفيد ييتس" لا يخصّص وقتاً طويلاً للبكاء على الموتى، والآن بعد لمحة عابرة للموتى، نحن و"هاري" علينا أن نكمل المسير. إنهم عاطفيون حقاً، ولكنهم لا يتعاملون مع الموتى بقدر كبير من العاطفة، وهذا أمر جريء. ربّما كان السبب هو أنّ الموتى ليسوا موتى بالفعل في هذه الأفلام. إنهم يعيشون في اللوحات وبئر الذكريات وأيضاً قد ينبعثون بشكل مؤقت لتقديم النصائح لـ "هاري بوتر"، وما يثير الاهتمام أنّ تلك اللحظات مع "الراحلين الأعزّاء" هي الأكثر تأثيراً.
المخرج والكاتب يدركان أنّ الموت ليس الجزء الحزين، إنّما الحياة كذلك، فمنها يأتي العذاب والمعاناة والألم. أحد الشخصيات يقول لـ "هاري": "لا تشفق على الموتى هاري، بل اشفق على الأحياء. فوق الجميع، اشفق على الذي يحيون من غير حب". هذه المقولة باختصار هي الفكرة الأساسية لقصة "هاري بوتر".
الفيلم منظّم جداً والأحداث تسير بصورة سلسة للغاية، والحوار أُعطيَ حقّه بالكامل ولم يكن مختصراً كالفيلم الخامس والسادس، فالمشاهدين يحتاجون إلى فهم كافة التفاصيل الدقيقة لاستيعاب ما يجري، خصوصاً الذين لم يقرأوا الكتب السبعة، فهي تحتوي على أحداث وتفاصيل لم تُدرَج في الأفلام، وإن تمّت إضافة كل ما تحويه الفصول في الكتب لكانت مدة الفيلم الواحد لا تقل عن 12 ساعة على الأقل.
المؤثرات الصوتية والبصرية في منتهى الروعة والإتقان كالعادة، وتصميم المواقع مميز جداً، وحتى الموسيقى التصويرية تلعب دوراً فعالاً في الفيلم، والموسيقار "أليكساندر ديسبلا" يُعيد إحياء الموسيقى الأساسية للسلسلة التي ألّفها في البداية المبدع "جون وليامز". ترشّح الفيلم لنيل 3 جوائز أوسكار بعام 2011 لأفضل مؤثرات بصرية وأفضل مكياج وأفضل تصميم مواقع.
"هاري" هو، ودائما كان "الفتى الذي عاش"، وهذه الكتب والأفلام هي حول وصوله إلى الواجبات الهائلة المتعلّقة بذلك العنوان الذي يحمل اسمه، حيث يدرك في النهاية أنّ عبء الحياة يحمله الجميع، وفي هذا الفيلم يكتشف أن حقيقة كونه "الفتى الذي عاش" تعني أيضاً معرفة أنّه أخيراً سيصبح "الفتى الذي يموت".
هناك مفاجآت كثيرة، ومع الإدراك المتأخر نكتشف أنها تبدو مقبولة وعادلة بما فيه الكفاية، و"هاري بوتر" الآن يمتلك نهاية رائعة تليق بأضخم سلسلة أفلام مربحة في تاريخ السينما العالمية. هذه الأفلام ستبقى خالدة في قلوب المشاهدين، ومن غير أن أكشف عن أي تفصيل صغير، دعوني فقط أقول لكم أنّ المشهد الأخير من الفيلم يترك لنا بوضوح افتتاحية لجزء آخر. أنا أعلم، "رولينغ" تقول أنها لن تكتب جزءاً آخراً. فقط "تقول"!!
 


 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق