السبت، 2 نوفمبر 2013

Hitchcock 2012


Hitchcock

الحياة الفنّية والعاطفية لـ "ألفريد هيتشكوك" أثناء إخراجه لفيلم "المختل"

 

بعد مرور أكثر من خمسين عاماً على فيلمه الأشهر، وأكثر من ثلاثين عاماً على وفاته، لا يزال العالَم يعرف المخرج العملاق "ألفريد هيتشكوك" بمكانته المرموقة على العرش الهوليوودي. إنْ لم نستطع إقناع الجيل الجديد بالاطّلاع على أفلامه الكلاسيكية، فربّما هذا الفيلم يستطيع فعل ذلك.

فيلم "هيتشكوك" هو فيلم مثير ومبهر حول حياة المخرج "هيتشكوك" أثناء إنتاجه للفيلم الشهير "المختل" في نهاية الخمسينيات من القرن الماضي. نلتقي بـ "هيتشكوك" وهو في أقصى درجات الشُهرة بعد النجاح الباهر لأفلامه السابقة "الشمال عبر الشمال الغربي" و"الدُوار" و"النافذة الخلفية"، ولا ننسى نجاحه التلفزيوني من خلال الحلقات الأسبوعية للمسلسل المثير والمرعب "ألفريد هيتشكوك يقدّم".

ما الذي يخطّط لفعله حتى يحقّق نجاحاً أكبر؟ السبيل الوحيد إلى ذلك هو جعل جماهير السينما مصدومين حتى النخاع. "هيتشكوك" يريد أن يثبت أنّه ليس المخرج الذي يقدّم أعمالاً روتينية تخلو من التغيير، وحين يصبح في الستّين من عمره تبدأ الهواجس والمخاوف بالسيطرة على عقله، وتلفت انتباهه رواية "المختل" للكاتب "روبرت بلوك" والتي تدور حول رجل ووالدته.

يطلب "هيتشكوك" من مساعِدَته "بيغي روبرتسون" أن تقوم بشراء كل نسخ الرواية المعروضة للبيع في المكتبات، وذلك لمنع الجمهور من قراءتها ومعرفة القصة. ينغمس "هيتشكوك" في حياة وجرائم "إد جين"، المزارع من ولاية ويسكونسون، الذي قام بجرائم بشعة في الأربعينيات والخمسينيات، والتي كانت الوحي لأفلام رعب شهيرة، مثل "مذبحة تكساس بالمنشار" و"صمت الحملان".

الفنان المخضرم "أنتوني هوبكينز" يدخل إلى مرحلة التقمّص الهيتشكوكي من خلال الظهور التام كالشخصية الأصلية، فقد أبدع خبراء المكياج في ضبط معالم الوجه والرأس والشعر، وكذلك المشرفين على هيئة جسده وملابسه، فنشعر حقّاً أننا أمام المخرج الراحل "ألفريد هيتشكوك". لن يتحقق كل ذلك من غير الأداء المبهر لـ "هوبكينز" الذي تمكّن من التحدّث وفق لكنته المتميّزة بالبُرود والهدوء.

المخرج "ساشا جيرفاسي" وكاتب النص السينمائي "جون ماكلولن" بتعاونهما معاً قاما بعملٍ مذهل، وفكرة زيارة المجرم "كين" لـ "هيتشكوك" في أحلامه كانت مبتكرة ومميّزة. هذا هو الفيلم السينمائي الأول للمخرج "جيرفاسي"، وقد قام قبل أعوام بكتابة النص الرائع لفيلم "محطّة الطيران" الذي أخرجه المبدع "ستيفِن سبيلبيرغ". أتوقع له مستقبلاً زاهراً لو استمرّ بإخراج أفلام بهذا المستوى الراقي.

زوجة "هيتشكوك" ورفيقته في كل أعماله "ألما رافيل" لها تأثير كبير على حياته وعمله، وقد تكون هي ملهمته في كل شيء. إنّه يستشيرها في كل الأمور وإنْ كان أحياناً لا يقتنع برأيها، إلّا أنّه لا يتخيّل حياته من دونها. العلاقة العابرة التي تنشأ بين "الما رافيل" وكاتب النصوص "وايتفيلد كوك" تثير جنون "هيتشكوك" ونشعر باستيائه الشديد نحو زوجته، والتي هي الأخرى نشعر بغيرتها الواضحة حين ترى زوجها وهو يتغزّل بالممثلات في أفلامه العديدة.

الفنانة الرائعة "هيلن ميرين" أبدعت في أداء دور الزوجة "ألما رافيل"، وكذلك النجمة "سكارلِت جوهانسون" قدّمت أداءاً مدهشاً للغاية بدور الممثلة "جانيت لي"، بطلة فيلم "المختل"، ولا ننسى بقية النجوم "توني كوليت" و"جيسيكا بيل" والكثير غيرهم ممّن أبدعوا في تقمّص أدوارهم. ترشّح الفيلم لنيل جائزة الأوسكار لأفضل مكياج، وذلك بعام 2012.

هذا الفيلم يقدّم لنا "هيتشكوك" الرجل الحنون والوحش المرعب. يأتي ذلك اليوم الذي يحلم به، والجماهير على موعد مع مفاجأته المثيرة، ويقف وحده في بهو قاعة العرض، يقود أوركسترا الصرخات. في تلك اللحظة، ستستمعون لموسيقى تحفته الفنّية، وستكونون مبتهجين مثله تماماً.


 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق