السبت، 16 نوفمبر 2013

Sweeney Todd – The Demon Barber of Fleet Street 2007


Sweeney Todd – The Demon Barber of Fleet Street

فيلم موسيقي استعراضي يجسّد الانتقام الدموي العنيف لـ "سويني تود"

 

المخرج المبدع "تيم برتون" والفنان الرائع "جوني ديب" يجتمعان معاً من جديد للمرّة السادسة في عمل مُبهر كالعادة. هناك انسجام غريب بين قوّيتيهما المتضاربتين، ومعظم أفلامهما تبدو متناقضة، بمزج الظلام مع النور، والألم مع السرور، والفكاهة مع الحزن. في فيلم "سويني تود – الحلاق الشرير في شارع فليت" سنختبر هذا التناقض المدهش بشكل لم نعهده في أفلامهما السابقة، حيث سنرى - بالإضافة إلى ذلك - مزيج الموسيقى والدم، وسنعيش الأجواء الانتقامية الدموية بصحبة الأغاني الاستعراضية الخلّابة.

الفيلم مأساوي وملحمي وفريد من نوعه، وهذا ما يجعله واحداً من أروع الأفلام الموسيقية الاستعراضية في الفترة الأخيرة. قصة الفيلم مقتبسة من مسرحية شهيرة لـ "هيو ويلر" و"ستيفن سوندهايم"، وقد قام "سوندهايم" نفسه بتأليف الموسيقى وكتابة الأغاني للنسخة السينمائية، أما نص الحوار فقد كتبه المبدع "جون لوغن" الذي أتحفنا بنصوصه المميّزة لعدّة أفلام منها: "الطيّار" و"المحارب" و"الساموراي الأخير"، ومؤخراً فيلمَي "رانغو" و"هيوغو".

كان الحلّاق "بنجامين باركر" يعيش بسعادة مع زوجته وابنته الصغيرة في لندن، ولكن القاضي البغيض "توربين" دمّر حياته السعيدة وأرسله إلى سجن في أستراليا بتهمٍ باطلة، وفوق ذلك أخذ زوجته "لوسي" وابنته "جوانا" للعيش تحت قبضته. "لوسي" سمّمت نفسها تاركة "جوانا" مع "توربين". نعود مرّة أخرى إلى لندن، ونلتقي بـ "بنجامين" الذي قضى 15 عاماً في المنفى، وقد غيّر اسمه إلى "سويني تود"، والآن هو يسعى للثأر.

يقوم "سويني تود" بزيارة جارته السابقة السيدة "لوفيت" التي تبيع فطائر اللحم في المتجر الذي يقع بنفس البناية التي كان يقطن فيها، ولحسن الحظ احتفظت السيدة "لوفيت" بشفرات الحلاقة الخاصة بـ "سويني تود" طوال هذه السنوات. يعيد من جديد فتح محل الحلاقة، وهدفه الأسمى هو تقديم حلاقة لائقة لـ "توربين". كيف سيكون مصير هذا القاضي وتلك الشفرات الحادّة تحلق ذقنه؟!

مع توالي الأحداث نلتقي بالشاب "أنتوني" الذي يقع في حب "جوانا"، ويسعى بكل الطرق إلى تحريرها من قبضة "توربين". "سويني تود" لا يعلم أنّ ابنته على قيد الحياة، ولذلك لذّته الانتقامية في أقوى درجاتها. مثل أي فيلم آخر لـ "برتون"، المؤثرات البصرية في غاية الروعة والإتقان، حيث نرى مدينة لندن بألوانٍ باهتة ومغطاة بالدخان، وشوارعها ضيّقة وقذرة.

الفنان "جوني ديب" والفنانة "هيلينا بوهام كارتر" لهما الفضل الأكبر في إنعاش القصّة بأدائهما الرائع، بالقفز من الحوار إلى الأغاني. لقد كانا ثنائياً مميّزاً جداً بشخصيتَيْ "سويني تود" والسيدة "لوفيت". الممثلون الآخرون أبدعوا أيضاً في تقمّص أدوارهم، وخصوصاً الفنان "ألان ريكمان" الذي لعب دور القاضي "توربين" بإبداع وقد تمكّن من جعلنا نكرهه ونتوق للحظة الانتقام منه. النجم "ساشا بارون كوهين" كانت له إطلالة مميّزة في دور الحلّاق الأجنبي "بيريللي". حاز الفيلم على جائزة أوسكار لأفضل تصميم مواقع وترشّح لنيل جائزتين لأفضل ممثل "جوني ديب" وأفضل تصميم أزياء، وذلك بعام 2007.

المخرج "تيم برتون" برؤيته السينمائية المذهلة سمح للفيلم بإدخال بعض اللحظات الفكاهية التي زيّنته وجعلته أروع مما هو عليه. الأغاني الرائعة بأصوات الممثلين والموسيقى المميّزة كان لها أثراً كبيراً في إبراز الفيلم، خصوصاً مع المشاهد الدموية العنيفة. لم أشاهد من قبل فيلماً موسيقياً استعراضياً بهذا العنف الدموي الذي ذكّرني بأفلام المخرج المبدع "كوينتين تارانتينو".

الدقّة في استخدام الألوان في المَشاهِد كانت خطوة حكيمة من المخرج، إذ أشعرنا بحقيقة مشاعر الشخصيات من خلال الألوان الباهتة، وفي مشهد البحر الذي يجمع "سويني تود" والسيدة "لوفيت" شعرنا بسعادتهما الغامرة بالألوان الخلّابة التي غمرت الشاشة، ونحن سعدنا أيضاً بالرغم من كونه مشهداً وهمياً وليس حقيقياً.

هذا الفيلم ليس للجميع. عليكم أن تكونوا من محبّي الأفلام الموسيقية الاستعراضية، وأن تقدّروا الكوميديا السوداء الملتوية وأن لا تمانعوا مشاهدة العنف وإراقة الدماء بين الحين والآخر. بالنسبة لي، هذا الفيلم من أروع الأفلام الاستعراضية الحديثة، وأتوق لمشاهدته مرّة أخرى.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق