الأربعاء، 13 نوفمبر 2013

Rebecca 1940


Rebecca

قصة رجل وحيد وامرأة جميلة وسرّ غامض سوَّد حُبَّهُما

 

"أناشدك أن تتزوّجيني.. يا أيّتها الحمقاء الصغيرة"!! هذا المقطع المنمّق هو من التحفة الكلاسيكية المثيرة للمخرج البريطاني العبقري "ألفريد هيتشكوك" التي قدّمها في عام 1940. فيلم "ريبيكا" تم اقتباسه من رواية شهيرة للكاتبة "دافني دو مورييه" وأنتجه "ديفيد أوه سيلزنيك". لقد كان هذا هو الفيلم الأمريكي الأول لـ "هيتشكوك" وبداية ساحرة ومبشّرة لمسيرة سينمائية هوليوودية أسطورية.

فيلم "ريبيكا" هو عبارة عن ميلودراما مشوّقة ومليئة بالرومانسية والغموض، مما يجعلنا نتوق لمشاهدته حالاً. خلال السنوات الأخيرة تم إدراج الفيلم مع أفلام قليلة أخرى في قائمة محدودة بإحدى الصحف الشهيرة لأفضل الاقتباسات الأدبية على الإطلاق.

إنّه حقاً فيلم رائع أعاد صياغة الرواية ببراعة وإتقان، فيشعر المشاهدون كما لو أنّهم يقلّبون صفحاتها وهم يشاهدون الفيلم، بالإضافة إلى ذلك يستمتعون باللمسات الدرامية والبصرية في فترة يندر فيها رؤية أشياء كهذه. الشخصيات تتغيّر، ونقتنع بأهميّة حدوث ذلك بناءاً على الخط الملتوي الذي تسير عليه القصّة. يستحوذ الفيلم على انتباهنا ما إن نستمع إلى الجملة الافتتاحية بصوتٍ يحيط به الغموض: "حلمتُ بالليلة الماضية أنّي ذهبتُ إلى ماندرلين مرّة أخرى..."!!

الفنانة "جوان فونتين" تلعب دور امرأة شابة ساذجة تجد نفسها غير سعيدة بوظيفتها كرفيقة وخادمة لسيّدة عجوز عدوانية ومغرورة، وذلك في فندق رائع في جنوب فرنسا خلال موسم الإغلاق. بشكل غير متوقع يدخل بينهما رجلٌ أنيق يدعى "ماكس دو وينتر"، وهو أرمل مليء بالألغاز ويلعب دوره بشكل لا يُضاهى الفنان العملاق "لورانس أوليفييه" بمشاعر رقيقة من الحزن والكآبة والشرود. "ماكس" خائفٌ من تلك المرأة العجوز التي تحاول وبشقّ الأنفس معرفة شخصيته، ولكنّه مفتون برفقيتها الشابّة الجميلة الساذجة التي تشعر بألمه الداخلي.

أداء "أوليفييه" رائع باللامبالاة وفي نفس الوقت هو النموذج الأنسب لدور الرجل الأرستقراطي النبيل. ربّما يكون هو الفنان البريطاني الوحيد الذي كان قادراً على الوصول إلى هوليوود واستيعاب بريق الشُهرة، ومع ذلك بقي رمزاً للإنتاج المسرحي البريطاني وشُعلة في الأدب الكلاسيكي الشكسبيري.

هذا الفنّان قدّم في الأعوام اللاحقة أعمالاً سينمائية ومسرحية للكاتب الشهير "وليام شكسبير"، وذلك كمخرج وكاتب ومنتج وممثل، حتّى أصبح فنّاناً شاملاً متمكّناَ من تحقيق النجاح الفائق في جميع أعماله الشكسبيرية، وأذكر منها: "هاملِت" الذي نال عنه جائزة أوسكار لأفضل فيلم وأفضل ممثل، و"هنري الخامس" و"ريتشارد الثالث" و"عطيل" و"الملك لير".

يتزوّج "ماكس" تلك المرأة الشابّة، وينبعث روح زوجته السابقة "ريبيكا" في كل ركن من المنزل بمساعدة السيّدة "دينفرز" مدبّرة المنزل الشريرة التي لعبت دورها الفنانة "جوديث أندرسون" بإبداع وإتقان. المخرج "هيتشكوك" والمنتج "سيلزنيك" أظهرا منزل "ماندرلي" بشكلٍ مميّز ولا أظن أنّ كاتبة القصّة "دو مورييه" رسمتها في مخيّلتها بهذا الشكل الهائل الذي يتيح للسيّدة "دينفرز" مكاناً ملائماً لتبدأ حملتها الشرسة في زعزعة استقرار السيّدة "دو وينتر" الثانية ودفعها للجنون.

حاز الفيلم على جائزتَي أوسكار لأفضل فيلم وأفضل تصوير، وترشّح لنيل 9 جوائز أخرى لأفضل ممثل "لورانس أوليفييه" وأفضل ممثلة "جوان فونتين" وأفضل إخراج وأفضل نص سينمائي وأفضل موسيقى تصويرية وأفضل تصميم مواقع وأفضل مونتاج وأفضل مؤثرات بصرية.

كانت هذه الرواية مناسبة جداً لـ "هيتشكوك" كي يصنع منها فيلماً سينمائياً راقياً باحتوائها على عناصر الدراما والرومانسية والإثارة والرعب، وفيلم "ريبيكا" كان بداية لمستقبل زاهر بأفلام رائعة مثل: "غريبان على متن القطار" و"المضطرب" و"سبيلباوند" وأيضاً فيلم "الريبة" الذي أخرجه بعد عام من هذا الفيلم مع نفس البطلة "جوان فونتين" والتي حازت عن دورها فيه على جائزة الأوسكار لأفضل ممثلة. مضى على هذه التحفة الكلاسيكية أكثر من 7 عقود ولا تزال خالدة في قلوب المشاهدين.
 


 

هناك تعليق واحد: