الأربعاء، 13 نوفمبر 2013

Strangers on a Train 1951


Strangers on a Train

الجريمة الكاملة بقلم "هايسميث" ورؤية "هيتشكوك" مع غريبين على متن قطار

 


لقد لازم المخرج الراحل "ألفريد هيتشكوك" - طوال حياته – رعب من أن يُتَّهم بجريمة لم يرتكبها، وهذا الرعب سكن في قلب أجمل أفلامه، ومن ضمنها فيلم "غريبان على متن قطار"، الذي يدور حول رجل يصبح المشتبه الرئيسي في جريمة قتل زوجته. هذا الاشتباه المُريب يعود إلى عبقرية خطة القاتل الحقيقي. شخصان غريبان سيتبادلان جريمتَي القتل، فكلٌّ منها يجب عليه أن يقتل الشخص الذي يريده الآخر ميتاً. ستكون لكليهما حجة غياب مُحكمة بوقت ارتكاب الجريمة، وكذلك لن تكون هناك أيّة صلة محتملة بين القاتل والضحية.
تم اقتباس قصة الفيلم من الرواية الأولى للكاتبة الراحلة "باتريشيا هايسميث"، والتي ألّفت العديد من الروايات الشيّقة، مثل قصص "توم ريبلي" التي تحوّلت إلى إنتاجات سينمائية ضخمة في السنوات اللاحقة. جميع مؤلفاتها تدور حول مجرمين أذكياء لا يتبعون عواطفهم، بل حسابات دقيقة، والأدهى من ذلك هو أنهم في الغالب يفلتون من العقاب.
يبدأ الفيلم مع لاعب التنس الشهير "غاي هاينس" وهو على متن القطار، ويتعرّف عليه "برونو أنتوني"، الذي من خلال حديثه معه يظهر معرفته الدقيقة بحياة "غاي" الخاصة. إنّ "غاي" يريد أن يطلّق زوجته الخائنة "ميريام" من أجل أن يتزوّج ابنة سيناتور أمريكي. يتمنى "برونو" أن يرى والده ميتاً، فيقترح فكرة "الجريمة الكاملة"، حيث أنه سيقتل زوجة "غاي"، بينما "غاي" سيقتل والده، وبذلك لن يشتبه بهما أحد على الإطلاق. السر يكمن في "الدافع" وراء ارتكاب الجريمة.
أسلوب "برونو" الانتهازي والمتملق في الحديث يزعج "غاي" وخصوصاً حين يتدخّل في حياته الخاصة، ومع ذلك لا يقاطعه مطلقاً، وبعد الانتهاء يحاول "برونو" أن يجرّ "غاي" للقيام بتلك الخطة. يقوم "غاي" بمحاولة التملّص منه ومغادرة القطار بأسرع ما يمكن.
يقوم "برونو" بقتل زوجة "غاي"، والآن يصرّ على أن يقوم "غاي" بما تبقّى من الخطّة. حبكة كهذه ستجذب "هيتشكوك" بالتأكيد لأنها لا تُقاوَم، حيث أن "غاي" لديه دافعاً قوياً لقتل زوجته، وقد شوهد في مكان عام وهو يتشاجر معها قبل أن تُقتَل بساعات قليلة، ولاحقاً قال لخطيبته الجديدة على الهاتف أنّه يودّ أن يخنق "ميريام".
بعد استغنائه عن فكرة ضم كبار نجوم هوليوود في الفيلم، قام "هيتشكوك" باختيار طاقم ممثلين ليسوا مشهورين في ذلك الوقت، وركّز فقط على أن يكونوا ملائمين لأدوارهم، وبالفعل أحسن الاختيار. النجمان "فيرلي غرينجر" و"روبرت ووكر" أبدعا في أداء دورَي البطولة من خلال شخصيتَي "غاي" و"برونو"، وكذلك بقية النجوم قدّموا أداءاً متقناً. ترشّح الفيلم لنيل جائزة الأوسكار لأفضل تصوير بعام 1951.
النص السينمائي تمت صياغته ببراعة لا تقل عن المادة الروائية الأصلية، وقد شارك في كتابته كلٌّ من "ريموند شاندلر" و"شينزي أورموند" و"ويتفيلد كوك". العملاق "ألفريد هيتشكوك" قدّم أروع الأفلام على مدار ستة عقود، وبعد أن ودّع الحياة في عام 1980، ظلّت أفلامه تشهد على براعته لغاية هذا اليوم، وستظل تشهد إلى حين تموت السينما.
فيلم "غريبان على متن قطار" هو من أروع أفلام الإثارة والتشويق في تاريخ السينما. حبكته الأساسية بسيطة جداً برغم عبقريتها. إنها ليست قصة معقّدة. رجلان غريبان يلتقيان على متن قطار، وأحدهما يطرح فكرة مجنونة ويأخذها على محمل الجد، بينما الآخر يعتبرها مزحة ويتجاهلها فيقع في ورطة كبيرة. بعد مشاهدتكم لهذه التحفة الفنية لن أستغرب من رفضكم اللقاء بأي غريب على متن قطار أو في أي مكان آخر!!
 


 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق