الخميس، 24 أكتوبر 2013

August Rush 2007


August Rush

اقتباس عصري مبتكر لرواية "أوليفر تويست"

 


 هنا يأتي فيلمٌ مغمور في العاطفة، ويجب أن يكون كذلك. كم أكره العاطفة في مكانٍ لا تنتمي إليه، ولكن هناك أمرٌ شجاع حول الأسلوب الذي يتّبعه فيلم "أوغست راش" والطريقة التي تسير بها الأحداث وفق الصُدفَة والأحداث المريرة. هذا الفيلم بالتأكيد سيُبكي الكبار قبل الصغار.
القصة هي اقتباس عصري حُر لِعناصرَ من رواية "أوليفر تويست" الشهيرة للكاتب الإنجليزي "تشارلز ديكينز". نقابل "إيفان تايلور"، وهو صبيٌ في الحادية عشرة من عمره، يقوم بالهرب من الميتم بدلاً من العيش مع عائلة تتبّناه، ويتم إخباره أنّ والديه لا يزالان على قيد الحياة وهما يعملان في مجال الموسيقى، وهو يؤمن بأنّه من خلال قوة الموسيقى سيتمكّن من العثور عليهما من جديد. هل بدأتم ترون ما أقصده بشأن العاطفة؟
إنّ والديه تعرّفا على بعضهما من خلال الموسيقى. "ليلا" كانت عازفة تشيلو، و"لويس" كان مغني روك إيرلندي، وترجع بنا المشاهد إلى الوراء لنتعّرف عليهما، ونرى أنهما تقابلا في إحدى القرى، ووقعا في الحب من أول نظرة، وكوّنا علاقة، واتّفقا على اللقاء مجدداً، لكن والد "ليلا" أرغمها على الانتقال إلى المدينة للحفاظ على مستقبلها المهني، ولم تستطع أن تتواصل مع "لويس" بأيّة طريقة، فلم تعرف سوى اسمه الأول فقط، وهي الآن حامل، وعند لحظة الولادة يخبرها والدها أن الطفلَ قد مات، ويقوم بإرساله إلى الميتم لأنه لا يريد أن يتأثر مستقبل ابنته بشكلٍ أو بآخر.
نعود إلى الحاضر من جديد، و"إيفان" الهارب يقابل مجموعة من أولاد الشوارع الذين يقدّمون فقرات موسيقية في إحدى ضواحي "واشنطن"، وبشكلٍ لا إرادي يتوّجه إليهم ويلتقط آلة الجيتار ويبدأ بالعزف عليها، وعلى الرغم من أنه لم يتدرّب أبداً، يتّضح أنه موسيقار موهوب بالفطرة. أحد الأولاد يسمع قصة "إيفان" المأساوية، فيقوم بأخذه معه إلى مسرح مهجور، حيث يعيش فيه هو وأولاد آخرون تحت إدارة شخصية يُطلق عليها "الساحر" - كشخصية "فاغن" -  والذي يرسل جيشه الصغير كل يوم إلى الشوارع، ليس كـ "نشّالين"، بل كـ "موسيقيين متجوّلين".
"الساحر" الذي يبدو كتاجر مخدرات أو راعي بقر، ينبهر بموهبة "إيفان" ويقدّمه للعالم باسم فني وهو "أوغست راش". "أوغست" يؤمن أنّ للموسيقى قوة في جمع شمل الناس، وبتوالي الأحداث يزداد إيمانه بعد أن تُتاح له الفرصة الذهبية بتأدية سيمفونيته الخاصة على مسرح في الهواء الطلق، ويثبت لنفسه وللعالم أنه موسيقار محترف، والغريب أنّ والدته تعزف في إحدى فقرات الحفل، ووالده بالقرب من المكان، والأغرب هو أنّ الأب والأم والإبن جميعهم لا يعرفون ذلك.
أنا أقول لكم بأن شبح "ديكينز" قد يريد التصفيق من شدة روعة الفيلم الذي أخرجته "كريستين شيريدن". هذا الفيلم رشيق الحركة، ومتميّز بالابتكارات الدرامية، ولا ننسى النجم الموهوب "فريدي هايمور" الذي أظهر لنا "أوغست راش" بشكلٍ خلّاب وأسرَنا بموهبته ونظراته البريئة والصادقة، والفنان المبدع "روبن وليامز" في دور "الساحر" والذي أظهر الشخصية بالشكل المطلوب، والفنانة "كيري راسل" قدّمت دور "ليلا" بمشاعر الأم الحزينة، وأيضاً شخصية "لويس" كانت مميزة بأداء الفنان "جوناثان رايز مايرز"، وما لفت انتباهي هو دور محقق الشرطة الذي أدّاه الفنان "تيرينس هاورد" بإبداع. ترشّح الفيلم بعام 2007 لجائزة أوسكار لأفضل أغنية.
الفيلم يجبرنا على حب الموسيقى بقدر حب "أوغست" لها، وبطريقة ما نشعر بها في كل جزءٍ من حياتنا، بل نكتشف أنّ الموسيقى ليست فقط بالآلات الموسيقية، بل كل أصوات الطبيعة عبارة نوتات موسيقية، ولن ندرك ذلك ما لم نكن "أوغست راش".
 


 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق