الجمعة، 25 أكتوبر 2013

The Chorus 2004


The Chorus

دراما فرنسية حول مدرّسٍ لطيف يغيّر حياة الأطفال بالموسيقى!!

 

الفيلم الفرنسي "الجوقة" هو فيلم رائع ومؤثّر، وقصّته البسيطة تتعمّق في مواضيع مهمّة وحسّاسة مثل إساءة استخدام القوّة والسُلطة، ونظرة الكبار الاستبدادية تجاه الأطفال وعدم الثقة بقدراتهم. باختصار، حبكة الفيلم تبدو وكأنّها لفيلم كلاسيكي تقليدي، حيث تدور حول مدرّس جديد يأتي للعمل في مدرسة داخلية للأولاد، ويقوم برفع معنوياتهم وتغيير حياتهم بواسطة الموسيقى، ومع ذلك ننجذب للقصّة برغم تكرارها بأنماط وأساليب مختلفة.
قام بإخراج الفيلم "كريتسوفر باغاتييه"، وهو أيضاً من قام بكتابة النص السينمائي باقتباسه من نص فيلم فرنسي قديم اسمه "قفص العنادل" والذي أنتج بعام 1945. المخرج "باغاتييه" في عمله السينمائي الأول قدّم تحفة بصرية مليئة بالمشاعر والأحاسيس، وقد تجنّب اتّباع النمط الهوليوودي المعتاد الذي يتميّز بالعواطف المفرطة.
البطل هو مدرّس لطيف وخجول يدعى "كليمون ماتيو"، ويلعب دوره الفنان "جيرارد جوغنو" بكل إبداع ونشعر بعمق مشاعره في تجسيد الشخصية. يقبل "كليمون" بالوظيفة في تلك المدرسة التي لا يعرف عنها إلّا القليل، ولم يقابل بعد الأطفال المشاغبين. يركّز الفيلم على الوضع المحزن الذي انحشر فيه هؤلاء الأطفال المساكين. إنّهم يحتاجون إلى حُبٍّ قاسٍ وحدود مرسومة بدقّة حتى لا يتخطونها، وقليل من التحدّي في الدراسة كي يجتهدون أكثر، ولكن للأسف هم يتعرّضون للضرب بشكل روتيني ويتم حبسهم في سجن انفرادي ويتلقّون معاملة سيئة للغاية. يدير المدرسة ناظرٌ شرّير وقاسي القلب ويدعى "راشين" ويلعب دوره الفنان "فرانسوا بيرليند" بكل القسوة التي تتطلّبها الشخصية، وقد تمكّن حقاً من جعلنا نشعر بحقد شديد تجاهه.
الناظر "راشين" يضمر الشر للمدرّس الجديد "كليمون"، الذي بطيبة قلبه يحاول تعديل قانون العقوبات الصارم ليتوافق مع "جرائم" الطلّاب، إذ يقوم طفل مشاغب بالتسبّب في إصابة أحد مسئولي الرعاية، فليزم "كليومن" الطفل برعاية المصاب، ممّا يكشف لاحقاً عن شفقة هذا الطفل ورقّة قلبه. يريد "كليمون" أن يستعيد كرامة الأطفال وثقتهم بأنفسهم، وفوق كل شي أحلامهم الضائعة.
أعظم إنجاز حقّقه "كليمون" بكونه مؤلف موسيقي محبط هو لم شمل مجموعة من الطلّاب في جوقة، وبالتدريب المتواصل تتوطد العلاقة بينهم ويتمكّنون من إبراز الفرقة بشكل رائع. الموسيقى التصويرية هي من أجمل عناصر هذا الفيلم، وبطل الجوقة هو الطالب المنشد "بيير مورهان" الذي لعب دوره النجم الموهوب "جان بابتسيت ماونييه". يصف أحد المدرّسين الطالبَ "بيير" بأنه "وجه ملاك ولكن من نسلِ شيطان"!!
يعتبر هذا الفيلم واحداً من الأفلام المميّزة حول مدرّسين أو مدرّسات تتغيّر حياتهم بتغيير حياة من حولهم إلى الأفضل، مثل فيلم "وداعاً السيد شيبس" مع الفنان الراحل "روبرت دونات"، وفيلم "جمعية الشعراء الموتى" مع الفنان "روبن وليامز"، وفيلم "موسيقى القلب" مع الفنانة العظيمة "ميريل ستريب"، وأيضاً فيلم "ابتسامة الموناليزا" مع الفنانة "جوليا روبرتس".
جميع هذه الأفلام كانت مذهلة للغاية وتدعو للتفكير العميق في الإطار الأكاديمي الحسّاس للطلّاب والمدرّسين، وبالتالي نفهم الرسالة العظيمة التي تقدّمها لنا بإصرار. ترشّح فيلم "الجوقة" بعام 2004 لنيل جائزتَيْ أوسكار لأفضل فيلم أجنبي وأفضل أغنية. أخرج "باغاتييه" لاحقاً فيلمين رائعين وهما: "باريس 36" و"حرب الأزرّة"، وكليهما متميّز بقصّته وموسيقاه، والأمر المذهل هو وجود الممثّل "جيرارد جوغنو" في جميع أفلامه الثلاثة.
قد يحكم البعض على الفيلم أنّه يمكن التنبؤ بما سيحدث مع توالي الأحداث بسبب رسالته المليئة بالأمل، ولكنه أنتِج بإبداع من قِبَل الكاتب والمخرج، وتمّت صياغة الحبكة بمهارة فائقة، والممثلين كانوا رائعين ونشعر بأنهم عفويّون ومشاعرهم حقيقية. سيظل صداه العاطفي في قلوبنا وكذلك موسيقاه التي تثلج الحواس.
 


 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق