الجمعة، 25 أكتوبر 2013

Chicken With Plums 2011


Chicken With Plums

قصة إنسانية حول الحب والخسارة والندم والحزن يستحضرها كمانٌ صغير!!

 

 الفيلم الفرنسي "دجاج مع برقوق" هو فيلم رائع بقصّته الإنسانية حول الحب والخسارة والندم والحزن التي يستحضرها كمانٌ صغير، وليس فقط من خلال الموسيقى، بل من الآلة الموسيقية بحد ذاتها. الفيلم حزين ولكن تتخلّله لحظاتٍ مبهجة مع قدر مناسب من اللمسات السحرية الجميلة. القصة مذهلة وغريبة ويمكنها أن تتحوّل إلى سيناريو أوبرا بجدارة.
تبدأ أحداث الفيلم بمدينة "طهران" في عام 1958، وذلك في عهد شاه إيران، وقبل عشرين عاماً من الثورة الخمينية. تُروى القصة من خلال عينَيْ عازف كمان موهوب يدعى "ناصر علي"، وتتحرّك الأحداث بحرّية بين الماضي والحاضر والمستقبل. القصة باختصار هي حول رجل من عائلة فارسية من الطبقة المتوسطة يصبح مع مرور الوقت عازف كمان عادي، ثم يلتقي بأعظم حب في حياته ويفقده ويشعر بالألم، ويحوّل ألَمَهُ إلى عظمة.
تم تصوير الفيلم في مدينة برلين بألمانيا، وقد أظهر مدينة طهران بشكل ساحر ينبع من التاريخ والخيال والذكريات، وعزّز ذلك الاستخدام المدهش للرسوم المتحركة وسحابات الدخان بين الحين والآخر. الفنان الفرنسي "ماتيو أمالغيك" قدّم أداءاً مذهلاً للغاية لشخصية "ناصر علي"، وأكثر ما يميّز هذا الفنان هو نظراته المؤثرة، ولم أستغرب من ذلك، حيث سبق وأن لعب دور البطولة في فيلم "الجرس العائم والفراشة" قبل سنوات، والذي يدور حول رجل مصاب بالشلل الكلي ولا يستطيع سوى تحريك عين واحدة، وبالتالي اعتمد ذلك الفيلم على العين بشكل أساسي.
النجمة "ماريا دو ميديغوس" تلعب دور "فارينغوس"، وهي الفتاة التي أُجبِر "ناصر علي" على الزواج منها من قبل أسرته، وقد أدّت دورها بشكل رائع جداً. النجمة "غولشيفتي فرحاني" تلعب دور "إيران"، ابنة بائع الساعات، التي تمثّل الحب الأعظم لبطلنا، وقد أبدعت حقّاً في أداء دورها المليء بالأحاسيس. النجوم الآخرون قدّموا أداءاً مميّزاً، ولا ننسى الظهور القصير للفنانة "إيزابيلا روسيليني" بدور الأم.
الموسيقى التصويرية الخلّابة للمبدع "أوليفيه بيرنت" تعمّق مشاعر الفيلم والمشاهدين، ومن خلالها نرى الفيلم بشكل مختلف ومليء بالعواطف الصادقة. لفترة وجيزة، يشعر "ناصر علي" بنشوة الحب ومن ثم ينحدر شعوره إلى اكتئاب شديد يجبره على ملازمة الفراش وتمنّي الموت بأسرع وقتسرعأ. ينقلنا الفيلم إلى بعض الأحداث التي أوصلته إلى هذه الحالة الحرجة، ونكتشف أنّه لا توجد أيّة شخصية شريرة في الفيلم باستثناء والد "إيران" الذي يرفض بشدّة زواج "ناصر علي" من ابنته الوحيدة.
كيف تمكّنت "إيران" من رفض الرجل الذي أَحَبّها والتي هي أحبّته؟ وكيف يمكنها إخباره بعد عشرين عاماً أنها لا تتذكّره أبداً؟! زوجة "ناصر علي" أيضاً تتحمّل مسئولية ما وصل إليه زوجها لقيامها بكسر كمانه الذي يعتبره كنزه الثمين، حيث أهداه إياه معلّمُهُ بعد أن أصبح عازفاً عظيماً. يقدّم لنا الفيلم الزوجة في البداية كامرأة لا تُطاق بصراخها المزعج إلى أن يكشف لنا شيئاً فشيئاً عن الحب العميق الذي تكنّه لزوجها، وخصوصاً حين تقوم بإعداد طبقه المفضل "دجاج مع برقوق" وتقدّمه إليه على فراش الموت.
المخرجة المبدعة "مرجان سترابي" قامت بعمل مدهش بتحويل إحدى قصصها المصوّرة إلى فيلم رائع ومؤثر، وقد شاركها زميلها "فينسينت باغونود" في الإخراج وكتابة النص. لقد خرجا عن المألوف في طريقة سرد القصة وأسلوب عرض المَشاهد والأهم من كل ذلك الانتقال إلى المستقبل، فهذا أمر نادر في فيلم سينمائي.
فيلم "دجاج مع برقوق" هو فخر للسينما الفرنسية والعالمية أيضاً، فقد تم تقديمه برؤية مبتكرة جلبت الخرافة إلى الحياة من خلال قصّة لا تخطر على البال وتصوير سينمائي جميل ومونتاج مدهش، وكل إطار من الفيلم أشبه بلوحة زيتية لدرجة تُنسينا أننا نشاهد فيلماً. إنها تجربة لا تتكرّر، ولا أطيق الانتظار لمشاهدة هذه التحفة الفنية من جديد.
 


 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق