الخميس، 24 أكتوبر 2013

In a Better World 2010


In a Better World

كيف ستغدو الحياة لو كُنّا نعيش في عالَمٍ أفضل؟!

 



كيف ستكون ردّة فعلنا حين نرى الشر يتطفّل على عالمنا؟ إنّه لمن السهل جداً أن نقول: "سوف نحاربه"، ولكن الواقع ليس بهذه البساطة أبداً. متى يمكن أن نتصرّف؟ إلى أي مدى يمكن أن نصل؟ ما هو الثمن الذي سندفعه لقاء ذلك؟ متى سيصبح الانتقام مشروعاً؟ كيف يمكننا أن نتعامل مع الألم والمعاناة في هذا العالم؟
المخرجة الدنماركية "سوزان بيير" تمتلك موهبة مميّزة بتحويل مسائل أخلاقية غير قابلة للتطبيق إلى دراما قويّة تنحشر في شبكة من المشاعر المعقّدة التي تجعل منّا ما نحن عليه الآن. الفيلم الدنماركي "في عالَمٍ أفضل" حاز بجدارة فائقة على جائزة الأوسكار لأفضل فيلم أجنبي بعام 2010. استطاعت المخرجة "بيير" أن تهيّئ الاتصال العاطفي بين المشاهدين والشخصيات بسهولة ومن غير اللجوء للمشاعر الزائفة والمبالغة فيها، وكذلك عالجت موضوع فيلمها الحسّاس بشكل دقيق ورزين للغاية، وكانت النتيجة مُرضية جداً.
يستخدم الفيلم المجتمع الدولي كجزءٍ من إطاره، وعائلتين أفرادها منفصلين عن بعضهم، ومع حركة سير القصّة يصبحون هُم محور الأحداث. يفتتح الفيلم مشاهده بمخيّم لاجئين بأفريقيا حيث نلتقي بـ "أنتون" وهو مُنهك جسدياً وعاطفياً لكونه يعمل طبيباً هناك، ولا يستطيع علاج الجميع في وجود مجرمين يتغذّون من دماء النساء والأطفال. يتنقّل "أنتون" بين أفريقيا وموطنه الدنمارك، وتنشأ مشاكل كثيرة بينه وبين زوجته "ماريان" التي تعمل طبيبة أيضاً، والآن زواجهما مهدّد بالانهيار. انفصالهما كان صعباً جداً خصوصاً على ابنهما "إلياس" الذي يبلغ من العمر 10 سنوات.
بعد أفريقيا يأخذنا الفيلم لفترة وجيزة إلى لندن حيث نرى "كلاوس" الذي فقد للتو زوجته المريضة بالسرطان. على الرغم من صدمته الشديدة، الفيلم لا يركّز عليه بقدر التركيز على ابنه "كريستيان" الذي يبدو عليه الاستياء والخوف من المستقبل المجهول. بعد وفاة زوجته، يقوم "كلاوس" بإعادة ابنه إلى الدنمارك لكي يعيش مع جدّته، وفي نفس المدينة بالتحديد يقع منزل الطبيب "أنتون"، وفي نهاية المطاف يصبح "كريستيان" مع "إلياس" في المدرسة وسرعان ما يصبحان صديقين حميمين.
إنّ "كريستيان" يحمل الكثير من الغضب في داخله ويرى نفسه مثل جندي يسعى إلى تحقيق العدالة بأيّة طريقة كانت، وكذلك الانتقام من الشرّ الذي يسكن العالم. تسكن بعقل هذا الولد فكرة جهنّمية تمهّد لكثير من الأحداث المثيرة في الفيلم. الأمر المميّز في القصة هو إبراز العالم النفسي والأخلاقي للأطفال والكبار، بحيث نعرف ما يدور في عقولهم وتأكيد أهمّية تواصل الفئتين مع بعضهما، لأنّ كلتيهما تتعلّم من الأخرى. الأمر يبدو كما لو أنّ الفئات العمرية المختلفة تتكلّم بلغات مختلفة، ولكن هذا الفيلم يحاول ربط الفئتين ببعضهما وبشكل مؤثر للغاية.
كتبت "بيير" هذا النص السينمائي بمشاركة الكاتب "أنديرز توماس جنسن". الفنان "مايكل بيرسبرانت" الذي أبهرنا بأدائه المذهل في الفيلم السويدي الرائع "لحظات خالدة"، يعود من جديد في دور مميّز وبأداءٍ جميل ومليء بالإنسانية. شخصية "أنتون" تؤكّد أنّ هناك الكثير من الأشخاص لا يستحقون العطف والمساعدة. الفنان "أورليك تومسن" أبدع هو الآخر في شخصية "كلاوس"، ولا ننسى النجمين الواعدين "ماركوس ريغارد" و"ويليام جونك نيلسن" اللذين قدّما بإطلالتهما السينمائية الأولى أداءاً مدهشاً جداً بشخصيتَيْ "إلياس" و"كريستيان"، وأتوقّع لهما مستقبلاً زاهراً إنْ استمرّا بالتمثيل على هذا النحو. بقيّة طاقم الممثلين كانوا مميّزين في أداء أدوارهم. سيبقى الفيلم حُلماً نعيشه جميعاً، وسنظل نتساءل دائماً: كيف ستغدو الحياة لو كُنّا نعيش في عالَمٍ أفضل؟!
 


 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق