الاثنين، 28 أكتوبر 2013

The Grey 2011


The Grey

سبعة رجال في مواجهة ذئابٍ وسط كومةٍ من الثلوج

 
فيلم "الرمادي" هو معركة صارمة والذئاب ليست لديهم فكرة عنها. حين يقومون بالهجوم، الأمر ليس غريباً أو غير متوقع. لقد قضوا آلاف السنين وهم يتعلّمون كيفية النجاة من الأخطار، عراة وبلا أسلحة ويعيشون في مناطق مخيفة مثل القطب الشمالي، والبرد شديد والثلوج تغمر المكان. إنّهم ليسوا غير مسلّحين تماماً، إذ لديهم أسنانهم ومخالبهم. لكن إلى أي مدى سيصل إلينا ذلك، حتى وإن كنّا نمتلك البنادق؟

في هذا الفيلم، مجموعة من العُمّال في شركة نفط ستُتاح لهم فرصة للإجابة على ذلك السؤال. إنّهم عمّال في محطة ضخ بمنطقة القطب الشمالي، كما وصفهم الراوي "أوتوي" في بداية الفيلم. كنموذج أوّلي للجحيم يشغله "بشر غير صالحين للبشرية". إنهم يمتلكون تلك الوظائف التي قد تقبلون بها إن كنتم فاقدين الأمل في الحصول على أجر جيّد، أو ربّما مدفوعين للبحث عن مكان بعيد عن المجتمع حيث يُعتقَد أنّه حين لا تعملون، فبالتأكيد أنتم نائمون أو منهمكون في الشرب. الحانة من دون شك توفّر مشروبات بأسعار معقولة، والتي نراها مزدحمة في أحد المَشاهد، ومن هنا نتعرّف على "أوتوي" والشخصيات الأخرى.

"أوتوي" هو رامٍ بارع جداً، ويعمل في الشركة ووظيفته هي قتل الذئاب. يرحل "أوتوي" مع عدد من العمّال في إجازة على متن طائرة صغيرة، والتي تتحطّم بفعل العاصفة القويّة وتتركهم في مكان مجهول لا يعرفون معالمه. معظمهم لاقوا حتفهم، ولم ينجُ غير سبعة منهم فقط. إنّهم يأملون أن يتم العثور عليهم من قِبَل المنقذين، ولكن "ألاسكا" هي مكان شاسع وطائرتهم صغيرة جداً وقد غطّتها الثلوج الكثيفة بسرعة رهيبة، ثم نرى أحدهم يسير بضع خطوات ويجد نفسه محاطاً بذئاب متوحّشة.

إنّ "أوتوي" أكثر خبرة من البقية ولذلك يتولّى زمام المسئولية والقيادة، ويقول أن الفرصة الوحيدة للنجاة هي السير بإتجاه خط الأشجار. يبدو لي الأمر أنّ الذئاب ستكون أكثر سعادة في اصطياد فريستها وسط الأشجار، ولكن أفضّل الإستماع لـ "أوتوي"، فهو كما قلت أكثر خبرة. إنّهم يسيرون في جوٍ باردٍ لا يُحتمل أبداً، والثلوج الكثيفة تحاصرهم من كل الجهات، ولا يأكلون إلّا كمية قليلة من الطعام المتبقّي في الطائرة، ويقومون بإشعال النار في المساء، وفي تلك اللحظة يُدركون أنّهم يجذبون مجموعة كبيرة من الذئاب. إنّهم يستخدمون النار كسلاح لإبعاد تلك الذئاب، وفي الظلام الحالك ينعكس ضوء النار على عيون الذئاب التي تحدّق بهم. إنّهم في جوع شديد ولا يوجد ما هو ألذّ من "أوتوي" وبقيّة الرجال.

بعيداً عن الذئاب، هناك أيضاً لحظات مؤثرة نقضيها مع الرجال والنقاشات التي يخوضونها. إنّهم ليسوا فقط مجموعة من الضحايا، و"أوتوي" هو البطل الرئيسي الذي نتعرّف على قصتّه بوضوح، والذي كان على وشك الإنتحار قبل ليلة إقلاع الطائرة، والسبب هو حزنه على وفاة زوجته الشابّة التي نلتقي بها في أحلامه ولحظات ضعفه. الآن وقد أصبحت حياته متزعزعة وغير مستقرة، يتمسّك بها بشراسة.

المخرج "جو كارناهان" استطاع أن يجعلنا نشعر بشخصياته الذين يعيشون لحظات لا يُحسدون عليها، وهو أيضاً من قام بكتابة النص السينمائي مع زميله "إيان ماكينزي"، وبشكلٍ مميّز قدمّوا لنا مغامرة صراع من أجل البقاء. الفنّان المبدع "ليام نيسون" كعادته يتقمّص أدواره بعمق، ونشعر بدخوله للشخصية، وهنا يؤدّي دور "أوتوي" بإتقان لا يقل على أدواره السابقة، وبقية طاقم الممثلين أبدعوا أيضاً في أداء أدوارهم. تم إنتاج الفيلم بعام 2011.

الفيلم يسير وفق منطقٍ قاسٍ وعديم الرحمة. هناك ذئاب أكثر من الرجال. الرجال يمتكلون السلاح، والذئاب يمتلكون الصبر، والطقس يعاقبهم. الصراع قائم والخوف يتصاعد والمغامرة تزداد تشويقاً، إذ لا أحد يستطيع أن يتوقع ما سيحدث!!
 


 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق