الأحد، 20 أكتوبر 2013

Ratatouille 2007


Ratatouille

قصة جرذ شوارع يتحول إلى طبّاخ في أرقى المطاعم

 

 

كثيرٌ من منتجي أفلام الكارتون تغريهم حصيلة شبّاك التذاكر، ويقومون بإنتاج جزء ثانٍ وثالث ورابع لأفلامهم، كفيلم "شريك"، ولكن فيلم "راتاتووِي" للمخرج والمنتج "براد بيرد" هو من الأفلام القليلة جداً التي جعلتني أتمنى أن أرى ماذا سيكون جزؤه الثاني. بطل الفيلم هو "ريمي" الجرذ الصغير الوفي، وكم هو محبوب وشجاع وموهوب، وأتوق لمعرفة ماذا يخبئ له المستقبل بعد أن غزا قمّة المطبخ الفرنسي.

"ريمي" هو فرد من عائلة جرذان كثيرة، ويقتات من نفايات الشوارع ومجاري ضواحي باريس، كباقي الجرذان الطيبيّن. "كلوا قمامتكم!!" هذا أمرٌ من والد ريمي "درانغو" لأبنائه، وهذا يوضح طيبة قلب هذا الأب الحنون.

نرى في أحد المَشاهد حين يُطرد الجرذان من منزلهم الدافئ بسقف بيت سيدة عجوز، والذي يجعل الجماهير الذين يكرهون الجرذان يتمنّون أن يُقضى عليهم جميعاً - ومن بيننا يدّعي أنه لا يكره الجرذان؟َ! - وخلال المشهد يسقطون جميعاً في مجرى مائي يتدفّق إلى المجاري. تلاميذ "فيكتور هوغو" سيعرفون أنّ البطل "جان فالجان" من رواية "البؤساء" وجد نهر "السين" لأنه عرف أنّ كل المجاري ستصل إلى منحدر بالقرب من النهر، وبالفعل غسل "ريمي" أوساخه عند النهر الذي يطل على أشهر مطعم فرنسي.

"أي أحدٍ يستطيع الطبخ"!! هذه هي المقولة الشهيرة لرئيس الطباخين "أوغست غوستو" والتي أصبحت عنوان كتابه الذي حقّق أعلى المبيعات. "ريمي" كان محظوظاً وتعيساً في نفس الوقت، وهو الآن يتسكّع حول مطعم "غوستو"، ولحبّه الكبير لـ "غوستو" كان يتخيّله معه في كل خطوة يخطوها ويظهر له ويسدي إليه النصائح.

حين قام ناقد المطاعم المتوحّش "أنتون إيغو" بنشر انتقادٍ لاذع حول مستوى الطبخ في المطعم، أدّى ذلك إلى وفاة رئيس الطباخين "غوستو" بسبب ذروة الحزن أو ربما ليس هذا السبب!! وقد استلم مطبخ المطعم السيد "سكينر" المتجهّم الوجه. يأتي "لينغويني" وهو "ابن شقيقة" الراحل "غوستو" لكي يعمل في المطبخ، وما كان للسيد "سكينر" إلاّ أن يجعله عامل تنظيف ليقوم بكنس الأرضية وغسل الصحون وذلك تقديراً لخاله "غوستو".

يتقابل كلٌ من "ريمي" و"لينغويني"، وبطريقة ما يثقان ببعضهما ويتوصّلان إلى لغة للتواصل، ويتدخّل "لينغويني" في ما لا يعنيه ويعبث بمقادير الحساء المطبوخ ويضع البهارات وذلك بأوامر من "ريمي"، وهذا الحساء يلقى استحسان روّاد المطعم، وبذلك تقتصر مهمته فقط في طبخ الحساء، وبعد ذلك يبدأ التعاون بين "ريمي" و"لينغويني"، حيث يقوم ريمي بالتسلّق إلى رأس "لينغويني" ويختبئ داخل قبّعته ويقوم بتوجيهه في الطبخ عن طريق شدّ شعره كما لو أنه يلعب لعبة، وبهذا التعاون تنبهر مدينة باريس بهما، أقصد بـ "لينغويني" فقط، فلا ننسى أننا نتحدث عن جرذ أيضاً!!

كل هذا الأمر بدأ بداية مريبة ومشبوهة وانتهى بانتصار كارتوني كوميدي خيالي!!! إنّ أكثر أمرٍ محبوب في "ريمي" هو تواضعه وخجله الشديد حتّى وإن كان جرذاً، وكذلك قدرته على التواصل بلغة الإشارة بشكل مميز.

المخرج "براد بيرد" ومساعده "جون لاسيتر" أثبتوا جدارتهم كقادة لأفلام الكارتون، وقد أظهروا في أفلامهم معنى الإنسانية أكثر من الأفلام العادية التي بها ممثلون حقيقيون، ومن المضحك أن نتعلم الإنسانية من الجرذ "ريمي"، وأن نتعلم منه الطبخ أيضاً ، وأنا شخصياً لن أغيّر قناة الطبخ لو كان الشيف "ريمي" يقدّم برنامج "أي فأر يمكن أن يطبخ".

هذا الفيلم بالتأكيد هو واحد من أروع الأفلام الكارتونية، وقد حاز على جائزة الأوسكار لأفضل فيلم كارتوني بعام 2007 وترشّح أيضاً لجائزة أفضل نص سينمائي أصلي وأفضل موسيقى تصويرية للرائع "مايكل جياكينو" وأفضل مؤثرات صوتية. الأفلام الكارتونية أثبتت جدارتها على الساحة السينمائية، وعليكم جميعاً أن تقرأوا مجدداً عن أنّ "الأفلام الكارتونية ليست للصغار فقط" بل "لكل العائلة" وحتى "للكبار ليشاهدوها وحدهم". أنا لا أمزح.
 


 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق