الثلاثاء، 29 أكتوبر 2013

The Descendants 2011


The Descendants

اضطرابات عاطفية وقرارات مصيرية في حياةِ رجلٍ استثنائي

 

فيلم "الأحفاد" يمتلك نهاية سعيدة، ولذلك يعتبر كوميديّاً من الناحية الفنّية. تدور أحداثه في "هاوايي" مع النجم "جورج كلوني". هذا الأمر قد يقودكم لتوقّع قضاء وقتٍ ممتع، ولكن لن أكذب وأقول "نعم". هذا الفيلم محيّر بتداخلاته بين التراجيديا والكوميديا، إلّا ذلك هو واقع الحياة.
ولاية "هاوايي" هي إحدى بطلات الفيلم، ومجريات القصة تدور حول "مات كينغ" وهو حفيد لإحدى أقدم العائلات البيض في "هاوايي" والذين يمتلكون أراضٍ شاسعة هناك. الآن عليه أن يقرّر ماذا سيفعل بهذه الأراضي، كأن يبيعها أو يحوّلها إلى مشروعٍ سياحي ضخم، وفي نفس الوقت يواجه أزمة شخصية حرجة.
تبدأ مشاهد الفيلم مع زوجته "إليزابيث" التي تعرّضت لحادثٍ مؤسف أثناء قيادتها لقاربٍ في شاطئ "واكيكي". "مات" كان منهمكاً في عمله بإدارة الأراضي، إذ أنّ لديه السلطة الكاملة في التحكّم بإرث العائلة لكونّه الوصيّ. "إليزابيث" تولّت مسئولية الاهتمام بالمنزل وتربية ابنتيها: المراهقة "أليكساندرا" والطفلة "سكوتي".
الآن "إليزابيث" في غيبوبة و"مات" في وضعٍ سيئ. "أليكساندرا" تعود من مدرستها الداخلية للبقاء مع والدها الذي يبدو كرجلٍ أرمل، وعلى الرغم من الأزمة التي يمر بها، عليه أيضاً أن يُتِمّ الصفقة التجارية بشأن الأراضي التي يرغب ببيعها معظم أقربائه من عائلة "كينغ" والتي ستدرّ عليهم مبالغ ضخمة.
حياة "مات" تتعقّد أكثر حين يعلم من مصدرٍ غير متوقع أنّ زوجته كانت تخونه، وابنتيه لا تريدانه أن يبيع الأراضي التي لطالما تجوّلتا فيها وعاشتا أجمل لحظات طفولتهما. حملة بيع الأراضي يديرها قريبه "هيو" والذي لا يريد أن يستمع لأي حديثٍ حول عدم البيع. إنّ "مات" نفسه يظن أنّه سيبيعها على الأرجح، ولكن الأمور الآن كلها متقلّبة وغير متّزنة.
القصة مقتبسة من رواية للكاتبة "كوي هارت هيمينغز"، وأخرج الفيلم الفنّان "أليكساندر باين" الذي قدّم سابقاً الفيلم الرائع "حول شميت" مع العملاق "جاك نيكلسون"، والذي كتبت عنه مقالاً أيضاً. قام "باين" بكتابة النص السينمائي مع زميليه "نات فاكتسون" و"جيم راش".
إنّ الأفلام التي يخرجها "باين" غالباً ما تكون حول أشخاصٍ أُجبِروا على اتّخاد قرارتٍ صعبة. إنّه دائماً يضع شخصياته الرئيسية في قالبٍ من الشخصيات الثانوية التي لها أهمية وتأثير، ولذلك نشعر بالضغوطات التي يواجهونها. نلتقي بـ "سكوت ثورسون" والد "إليزابيث"، وهو رجل عنيد ودائم الشكوك بـ "مات"، وأيضاً هناك الرجل الذي كانت "إليزابيث" على علاقة معه ويدعى "براين سبير"، وتصبح الأمور شائكة بوجود زوجته "جولي". يُضاف للفيلم جوّاً من المرح بوجود "سِيد"، صديق "أليكساندرا" الغبي.
الفيلم يجري وراء مشاكل "مات" القانونية والعائلية والعاطفية بتفصيل دقيق، إلى أن يرينا المخرج أنّ كل تلك المشاكل ملتفّة ببعضها، وحل مشكلة واحدة يجب أن يكون حلاً لجميعها. حبكة الفيلم أكثر تعقيداً من أغلب الأفلام، حيث نجد الخير والشر يتقاربان بعناية وفي النهاية يصلان إلى تسوية.
المخرج موهوب في استخدام روح وجوهر الممثلين، إذ أنّه يربط شيئاً من طبيعتهم في شخصياتهم. أنظروا إلى تعابير وجه "سكوت" وهو غاضب بشأن موت ابنته الدماغي لأنها قد لم تركب القارب لو كان "مات" زوجاً أفضل. أنظروا إلى الزوج الخائن "براين"، وتخيّلوه رجلاً جيداً. تمعّنوا في ملامح الشخصيات وحاولوا الدخول إلى أعماقهم للشعور بأحاسيسهم.
ما يحدث هو أنّنا نتعلّق بحياة تلك الشخصيات، وهذا أمر نادر في أغلب الأفلام. نصل إلى معرفة كيف يفكّرون ويشعرون حول قراراتهم. هناك مشاكل جوهرية ذات عبرة تكمن في قلب الفيلم. أداء الفنانين مبهر جداً وتمكّنوا جميعاً من تقمّص الشخصيات بكل إبداع. إنّه فيلم رائع ومميّز ويعتبر من أفضل أفلام 2011، وقد حاز على جائزة أوسكار لأفضل نص سينمائي مقتبس، وترشّح لنيل 4 جوائز أخرى لأفضل فيلم وأفضل إخراج وأفضل ممثل "جورج كلوني" وأفضل مونتاج.
"جورج كلوني"؟؟ ما هو الجوهر الذي يراه المخرج فيه؟؟ أظن أنّه الذكاء. بعض الممثلين ليسوا أذكياء بما يكفي لكي يبدون مقنعين. "جورج كلوني" قدّم أداءاً مذهلاً بفهمه لخطوط القصة المعقّدة، ولم يظهر يوماً للكاميرا بهذه الصورة الواضحة، وحتى ضحكته تأتي مع حرقة وألم. إنّنا نراه يفكّر ونشاركه أفكاره، وفي نهاية الفيلم نصل جميعنُا إلى استنتاجاته معاً.
 


 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق