الثلاثاء، 8 أكتوبر 2013

Misery 1990


Misery

"بول شيلدون" اعتاد أن يكتب من أجل العيش، والآن يكتب لكي يعيش!!

 

 "ستيفن كينغ" يمتلك عبقرية لا ريب فيها، لقدرته على إيجاد الرعب في كل المواقف اليومية. إنه يقوم بزرع بذرة الحقيقة إلى أن تنمو وتصبح مروّعة وغريبة. فلنأخذ "ميزيري" على سبيل المثال، وهي قصة كاتب يجد نفسه أسيراً عند معجبته الأولى. البطل لم ينهِ روايته بحسب رغبتها، والآن هو تحت قبضتها ومجبر على الكتابة تحت خط زمني مؤلم وعنيف بالمعنى الحرفي الدقيق.

"ميزيري" هي رواية بداخل رواية، والآن تتحوّل إلى فيلم سينمائي رائع. تدور القصة حول الكاتب "بول شيلدون" الذي اشتهر في عالم الأدب وحرص على إبراز موهبته لسنوات عديدة بتأليفه سلسلة روايات تاريخية رومانسية حول شخصية تُدعى "ميزيري"، والتي بعد العديد من الانتصارات والآلام، جاء الوقت أخيراً لأن تُقتَل.

بعد أن قام باغتيال هذه الشخصية التي وصل به الأمر إلى كرهه لها، ينتهي "بول" من كتابة هذه الرواية "الأصلية" التي ظل حبيساً من أجلها في كوخٍ بمنطقة نائية حتّى ينعم بالهدوء التام. يقوم بأخذ مسودّة الرواية الكاملة ويركب سيارته ويقود في اتّجاه الجبل والثلوج تملأ الشوارع، ثم يفقد السيطرة على السيارة وينتهي به الأمر جريحاً في العراء.

كان من الممكن أن يموت بسهولة، ولكن يتم إنقاذه بواسطة امرأة فظّة تُدعى "آني ويلكس"، التي تخرجه من كومة الثلوج وتأخذه لمنزلها وتقوم برعايته إلى أن يستعيد صحّته، وثم تغضب بعد أن علمت أنه قام بقتل "ميزيري" في الرواية. هذا الأمر غير مقبول أبداً، ولذلك تقوم باحتجاز "بول" العاجز حتى يكتب تتمّة للرواية بإعادة "ميزيري" إلى الحياة.

جميع الناس يظنّون أنّ "بول شيلدون" قد مات. نحن على اطّلاع بمسيرة البحث عن جثّته مع ناشرته الأدبية التي لعبت دورها الفنانة المخضرمة "لورين باكال" وكذلك نقيب الشرطة في المنطقة وزوجته. إنّهم في الحقيقة الممثلون الوحيدون الأخرون في هذا الفيلم القائم أساساً على شخصيتين رئيسيتين، وهُما: "آني ويلكس" التي تلعب دورها الفنانة الرائعة "كاثي بيتس"، و"بول شيلدون" الذي يلعب دوره الفنان "جيمس كان".

إنّهما يشكّلان ثنائياً غريباً جداً، و"جيمس كان" الذي يشتهر بأدواره القوية وذات النفوذ، نراه هنا سلبياً ومُسيّراً وسجين امرأة مضطربة نفسياً وغريبة الأطوار. "كاثي بيتس" التي تمتلك الخط المحوري في الفيلم، مدهشة جداً بقدرتها على التحوّل الفوري من "ممرضة لطيفة" إلى "وحش مرعب". بعضٌ من الأمور التي وضعها "ستيفن كينغ" في شخصية "آني" لكي تفعل ما فعلته بالكاتب نجدها فظيعة جداً لدرجة أنها تبدو مثل "فخ" يمكن أن يقع فيه الممثّل ويدعوه للمبالغة في الأداء، ولكن بطريقة ما، بقيت "كاثي بيتس" مقنعة جداً بداخل جنون شخصيتها.

فيلم "ميزيري" من الأفلام المشوّقة جداً والمثيرة، ويعود الفضل لرؤية المخرج المبدع "روب راينر" الذي استطاع أن ينقل أفكار الكاتب الشهير "ستيفن كينغ" إلى الشاشة بشكل متقن ومميّز. "جيمس كان" قدّم أداءاً رائعاً جداً، ولكن ليس بقدر الفنانة "كاثي بيتس" التي استطاعت أن تستحوذ على الشاشة بأدائها المدهش من خلال شخصية "آني". إنها حقاً فنانة بارعة وموهوبة، بحيث استطاعت تجسيد هذا الدور المركّب وقد حصلت على جائزة الأوسكار لأفضل ممثلة بعام 1990، وليس هذا فقط، بل تمّ تصنيف هذا الدور من قِبَل النقّاد العالميين كأفضل تجسيد لشخصية شريرة في تاريخ السينما الأمريكية على الإطلاق.
أتساءَل.. ما الذي يمكن أن يحدث لو تعرّضت "جي كي رولينغ" لنفس الأحداث التي تعرّض لها "بول شيلدون". فقط أتساءَل!!



 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق