الأحد، 20 أكتوبر 2013

Ponyo 2008


Ponyo

قصّة الحب المستحيلة بين سمكة وطفل صغير

 


"بونيو" هو فيلم كارتوني ياباني رائع جداً، ويرينا كيف تكمن الروعة في البساطة، وكيف يمكن لقصة أطفال بريئة أن تؤّثر في الكبار، وكل هذا من صنع المخرج الكبير "هياو ميازاكي"، والشخصيات الرئيسية في الفيلم هم السمكة "بونيو" والطفل "سوسكي" ووالدته "ليزا".
في عالم عمالقة السينما، الكل يرّدد اسم ميازاكي كإسم "سبيلبيرغ" و"سكورسيزي"، فأعماله محبوبة من قبل مُخرجِي الكارتون والجماهير والنقاّد من حول العالم. شركة "بيكسار" هي التي تقوم بتوزيع أعماله في أمريكا، وبالتحديد مديرها "جون لاسيتر" مخرج فيلم "حكاية لعبة" والذي قام بالسفر إلى اليابان خصّيصاً لإقناع "ميازاكي" بالترويج لفيلمه في أمريكا وقيام شركة "ديزني" بتبّنيه ودبلجته وتوزيعه.
يمكنكم رؤية كيف قام "ميازاكي" بإعادة كتابة قصة "الحورية الصغيرة" للروائي المرموق "هانس كريستيان أندرسن" بأحاسيسه الطبيعية الخاصة، ولكن هنا - كما هو معروف في أعماله - العوالم التي يبتكرها ويدعونا إليها ترسم إحساساً بالجمال والإصرار على البقاء فيها. رسوماته للمحيط تولّد للمُشاهِد الإحساس بالخطر والأهم من ذلك الإحساس بالعالم السحري الرائع.
في الحديث عن ما لم ألحظه في أي من مخرجي الكارتون الذين لا يملكون النظرة الثاقبة التي يتمتّع بها "ميازاكي" نحو الأطفال وقدرته على جذبهم، وذلك من خلال شخصيات الأطفال في أفلامه وكيفية تفاعلهم مع الآخرين. هذا الأمر يدعو جميع السينمائيين لأنْ يتعلّموا من هذا المبدع. لاحظواّ ماذا تفعل "ليزا" حين تعلم أنّ ابنها فقدَ سمكته "بونيو"، وكذلك كيف يتصرّف الطلاّب الصغار في الروضة حين يأتيهم شيء جديد، بل كيف تكون ردّة فعل "بونيو" عندما تأكل قطع اللحم لأول مرة!! لا يمكن أن تُزيَّف سلوكيات الأطفال، بل أن تُسرَد كما هي عليه.
كل هذه الأمور ستكون كافية لأي فيلم، ونحن الآن وُهبنا فرصة الدخول لعالم "ميازاكي" البصري ومخلوقاته وبُحوره بطريقة كلاسيكية جداً. نعم!! هذه الرسوم من الطراز الثنائي الأبعاد.. ماذا إذاً؟؟ الأعمال الفنية تكمن روعتها في بساطتها. تخيّلوا عدد قصاصات الورق التي تمّ رسمها للمشهد الذي تقوم فيه "بونيو" بالركض على المحيط، ومشهد الأسماك حين يحدث إعصار تسونامي.. فكرّوا في ذلك!! أحدٌ ما قد قام برسمها بجهد وإتقان!! مَشاهد لا تُنسى بسهولة.
في جميع أفلام "ميازاكي" لن تشعرون بأنّكم تتلقّون دروساً، بل ستشعرون بشيءٍ مختلف، وستجدون أنّ الشخصيات ليست كارتونية حقّاً وليست هناك تعقيدات في الصراع بين الخير والشر، حتّى "فوجيموتو"، والد "بونيو"، لديه أسبابه المقنعة لما يقوم به من أفعالٍ قد تبدو شريرة. لن تجدوا مكاناً أكثر خضرة وأكثر نظافة للعيش بل الأحرى للبقاء فيه إلى الأبد مثل هذا العالم، وسترون الرسوم المتحركة التقليدية في أرقى مستوياتها، وستشكرون أنفسكم من الأعماق لأنك عشتم تجربة لواحدٍ من قلّة رواة القصص الذين تجرّأوا وحلموا.
أنا شخصياً عندما شاهدت فيلم "بونيو" لأول مرة، شعرت بلمسات الحياة البريئة والراحة النفسية، وحين غادرت قاعة السينما  كنت أتخّيل كل لحظة جميلة في الفيلم وقد مضت فترة طويلة على مشاهدتي له ولكنّ "بونيو" لا يزال يشغل تفكيري في كل لحظة.
الجدير بالذكر أنّ هذا المخرج العملاق قد تمّ تكريمه سابقاً وفاز بجائزة الأوسكار بعام 2002 عن فيلم "الأرواح الطائرة"، وترشّح لاحقاً عن الفيلم المدهش "قلعة هاول المتحرّكة". "هياو ميازاكي" جلب لنا من جديد تحفة كلاسيكية بريئة، والتي تجاهلتها هوليوود. هذا خزي وعار للفيلم الذي يجب أن يُكرّم كأفضل فيلم كارتوني لعام 2009، وإن لم تصدقّوا، شاهدوه واحكموا بأنفسكم.
 


 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق